قرينه الشيخ المترجم من أجله، ولم يتمكن من إيذائهما في حياة سيده، فلما مات سيده قبض على الشيخ صادومة وألقاه في بحر النيل، وعزل المترجم من وظيفة المحمدية والإفتاء، وقلد ذلك الشيخ أحمد بن يونس الخليفي، وانكسف باله وخمد مشعال ظهوره بين أقرانه إلا قليلاً، حتى هلك يوسف بك قبل تمام الحول، ونسيت القضية، وبطل أمر الوظيفة والتكية، وتراجع حاله لا كالأول. ووافاه الحمام بعد أن تمرض شهوراً وتعلل، وذلك في عشرين شعبان من السنة الثانية بعد المائتين والألف، وصلي عليه بالأزهر بمشهد حافل، ودفن بتربة المجاورين.
ومن مؤلفاته إعراب الآجرومية وهو مؤلف نافع مشهور بين الطلبة، وكان قوي البأس شديد المراس، عظيم الهمة والشكيمة، ثابت الجنان عند العظائم، يغلب على طبعه حب الرياسة، والحكم والسياسة، ويحب الحركة بالليل والنهار، ويمل السكون والقرار، وذلك مما يورث الخلل، ويوقع ف الزلل، فإن العلم إذا لم يقرن بالعمل، ويصاحبه الخوف والوجل، ويجمل بالتقوى ويزين بالعفاف، ويحلى باتباع الحق والإنصاف، أوقع صاحبه في الخذلان، وصيره مثلة بين الأقران، كما قال البدر الحجازي رحمه الله تعالى:
إذا بعبد أراد الله نائبة ... أعطاه ما شاء من علم بلا عمل
فعده لاصطياد المال مصيدة ... يعدو به عدو معدود من الهمل
مثل الحمار الذي الأسفار يحملها ... وما استفاد سوى الإجهاد والملل
يقول بالأمس عند القاضي كنت كذا ... عند الأمير وقد أبدى البشاشة لي
وقام لي وبقدري قام أطعمني ... حلوى وألبسني الحالي من الحلل
ومن مكاني والحكام طوع يدي ... وأين مثلي وما في الكون من مثلي
أجيد فقهاً وتفسيراً ومنطق مع ... علم الحديث وعلم النحو والجدل
وغيرها من علوم ليس من أحد ... يحاول البعض منها غير منخذل