في حومة هذا الميدان باعي، وإني لأرى التوفيق يقوم أمامي، والعناية تقود زمامي
وإذا العناية صادفت عبد الشرا ... نفذت على ساداته أحكامه
فاجتفيت من رياض العلوم الأثمار، واجتليت بنات الأفكار، وافتضضت من المعاني الأبكار، ورصدت من بين النجوم الأقمار، وأتيت بمؤلف يهزأ بقلائد النحور، ويعبث بألحاظ الحور، تتألف نجوم المعارف من مطالع أفلاكه، وتتناثر درر اللطائف من قلائد أسلاكه، جعلته تاجاً لتلك العروس، ونزهة لنفائس النفوس، ونمقته تنميقاً عجيبا، وسبكته سبكاً غريبا، وشحنت زورقه بالدرر، وأثقلت أغصانه بالثمر، وجعلت لشرح أبيات الغزل خواتم، كأنها في أصابع الدهر خواتم، بينت فيها معاني ألفاظه المنظومة اللغوية من كتب صحاح، كقاموس البلاغة والصحاح، وضمنتها سجعاً مأثورا، ودراً منظوماً منثوراً، ونوادر أدبية يرشفها السمع مداما، وتميل الأذاق السليمة إلى محاسنها غراما، لتكمل المناسبة بين الأصل وفرعه، ويحتلب الطالب در الأدب من ضرعه، ويكون ذلك ترويحاً للنفس وتنشيطاً للبدن، بالانتقال من فن إلى فنن.
تنقل فلذات الهوى بالتنقل ... ورد كل صاف لا تقف عند منهل
ولا تتبع قول امرىء القيس إنه ... ضليل ومن ذا يهتدي بمضلل
إلى آخر ما قال، وأجاد في المقال، وهذا الشرح في نحو ثلاثين كراساً قد أحكمه فرعاً وأساساً، ومنها شرح مزدوجته، وقد تناولته أيدي الضياع قبل انتقاله إلى مبيضته، وهو يزيد على مائة كراس، قد أودعها ما يزري باللؤلؤ والماس، ومنها رسالة الأغلال والسلاسل، في مجنون اسمه عاقل، ومنها زهر النبات، في الإنشاء والمراسلات، ومنها نيل الأرب في مثلثات العرب، الذي مدحه محمد أفندي فني بقوله: