ونكست رأسها الأقلام باكية ... على القراطيس لما ناحت الخطب
وكيف لا وسماء العلم كنت بها ... بدراً تماماً فحالت دونك الحجب
يا شمس فضل فدتك الشهب قاطبة ... إذ عنك لا أنجم تغني ولا شهب
لما أصابك لا قوس ولا وتر ... سهم المنية كاد الكون ينقلب
ما حيلة العبد والأقدار جارية ... العمر يوهب والأيام تنتهب
لو افتدتك المنايا عندما فتكت ... بخيرنا لفدتك العجم والعرب
سقى ضريخك غيث العفو منسجماً ... ولا ارتوت بعدك الأغصان والعذب
ولا استهلت عيون القطر باكية ... إلا عليك وإن حلت بك النوب
أمست لفقدك عين العلم سائلة ... ترجو الشفاء وأنى ينجح الطلب
بكت عليك السما والأرض واضطربت ... كأنما نالها من حزنها طرب
ما كنت أحسب قبل الموت أن لدى ... نصف النهار ضياء الشمس يحتجب
لو كان يدري فؤادي يوم نكبته ... كان الفداء وهذا بعض ما يجب
بالرغم مني حياتي بعد مصرعه ... سيان فرقة من أحببت والعطب
قل للذي يدعي من بعده أدباً ... هيهات والله مات العلم والأدب
قضى الذي كان يزهو سيف فكرته ... بشاردات المعاني حين يقتضب
لو كانت السمر من اقلامه اشتبكت ... على المنية ما اهتزت لها قضب
وافاه صرف القضا يسعى وفي يده ... كأس عليها المنايا والردى حبب
لا تطلبن من الأيام مشبهه ... عز الدواء وأنى يشتفى الوصب
فما تريك الليالي مثله أبداً ... قد ينقضي العمر والآمال ترتقب
حلم وعلم وجود في الوجود له ... فضل وفيض سحاب دونه السحب
ليث المنام الذي في صدقه غصص ... قد حال من دونه في اليقظة الكذب
وليث أحكام أحلامي التي نفذت ... قضت بحتف أناس حلمهم غضب
أين المنايا وأين الشامتون به ... والمظهرون نفاقاً أنهم نكبوا
إن الكآبة لا تخفي سرائرهم ... قد يعرفون بسيماهم وإن ندبوا