نقض من التكميل الوطر، لأنه قد ضاق الوقت ونحن على جناح السفر، غير أنه حصل عنده إلمام، يقتدر به على تحصيل المرام. وكان جسوراً حسن الأخلاق، حقيقاً باللطف والوفاق، جميل الذات كامل الصفات، عفيفاً زاهداً، ورعاً عابداً، متحرياً للصواب، في السؤال والجواب، محبوباً عند الناس، مجلسه لا يمل لما فيه من الملاطفة والإيناس، لين الجانب متواضعاً، متذللاً لمولاه خاضعاً، حسن الأوصاف، متواصل الأضياف، له شهرة حسنة، وآثار مستحسنة، وجاه عال رفيع، وقدر سام بديع، وجلالة في القلوب، وهيبة فوق المطلوب والمرغوب، وهيئة تشهد له بفضله وعلاه، وهمة سامية تفضي له بأنه زينة الكمال وحلاه، ولما توجه حضرة العالم الأفخم، والصدر الأبهى الأعظم، سيدي الإمام الأمير السيد عبد القادر بن السيد محي الدين الجزائري إلى بيت المقدس الشريف للزيارة مر في طريقه على مدينة يافا، ونزل في دار العالم العامل الشهير الشيخ حسين الدجاني، فقدم أخوه المترجم المرقوم لحضرة الأمير السيد عبد القادر هذه القصيدة وهي:
عهدنا بغرب مطلع البدر مشرقا ... وإنا نراه الآن قد لاح مشرقا
وللغرب أصل الفضل إذ هو مطلع ... وإن يك ذاك البدر في الشرق أشرقا
رعى الله بدراً قد سرى يحمد السرى ... إلى الحرم القدسي وهام تشوقا
فلله من يوم به وصل الهنا ... وجاد بشير الأنس بالوصل واللقا
وأشرقت الدنيا بطلعته التي ... بدت شمس حن نورها قد تألقا
بروحي أفدي من علقت بحبه ... وأضحى إليه اللب بالرهن موثقا
سما في سما العليا كمالاً وبهجة ... ولطفاً وظرفاً فوق عرش البها ارتقى
لطلعته تعزى المحامد مثلما ... لحضرة محي الدين حمدي تحققا
ومرآه عيد للتهاني كمقدم ... لمولاي عبد القادر السامي مرتقى
إمام محاريب الأفاضل جامع ... لكل كمال في الأنام تفرقا
همام بيوم الحرب أثنت حرابه ... عليه وفي المحراب أضحى موفقا