للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتحقيق يتحير فيه أهل مادته، فاشتهر خارق علمه، وطار إلى الأقطار صيت تقواه وذكائه وفهمه، إلى أن رغب بعض الأمراء في نصبه مدرساً قبل التكميل في إحدى المدارس، وأن يوظف له وظائف ويخصه بالنفائس، فلم يجبه إلى هذا المرام، زهداً فيما لديه من الحطام، قائلاً إني الآن لست من أهل هذا المقام، فرحل بعدها إلى سندج ونواحيها وقرأ فيها العلوم الحسابية والهندسية، والاصطرلابية والفلكية، على العالم المدقق جغميني عصره، وقوشجي مصره، من في إشارته شفاء كل داء، ونجاة كل عليل بالجهل سقيم، الشيخ محمد قسيم النندجي، وكمل عليه المادة، على العادة، فرجع إلى وطنه قاضي الأوطار، وصيته إلى أقصى الأقطار طار، فولي بعد الطاعون الواقع في السليمانية عام ألف ومائتين وثلاثة عشر تدريس مدرسة أجل أشياخه المتوفين بالطاعون المذكور السيد عبد الكريم البرزنجي، فشرع يدرس في العلوم، وينشر المنطوق منها والمفهوم، غير راكن إلى الدنيا ولا إلى أهلها، مقبلاً على الله تعالى متبتلاً إليه بأصناف العبادات فرضها ونفلها، لا يتردد إلى الحكام، ولا يحابي أحداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ الأحكام، لا تأخذه في الله لومة لائم، وهو نافذ الكلمة محمود السيرة يأخذ بالعزائمن حتى صار محسود صنفه، عزيزاً في وصفه، مع الصبر على الفقر والقناعة، واستغراق الأوقات بالإفادة والطاعة، إلى أن جذبه سنة ألف ومائتين وعشرين شوق الحج إلى بيت الله الحرام،

<<  <   >  >>