شيخ في الحرمين يرشدني إلى المرام، ورجعت بعد قضاء المناسك إلى الشام، انتهى. فاجتمع ثانياً بعلمائها، وحل في قلوبهم محل سويدائها، فأتى إلى وطنه بعد قضاء وطره بالبركات، وباشر تدريسه بزيادة على زهده الأول وعدة الحسنات الأول سيئات، مستقيماً على أحسن الأحوال، متشوقاً إلى مرشد يسلك عنده طريق فحول الرجال، إلى أن أتى السليمانية شخص هندي من مريدي شيخه الآتي وصفه، فاجتمع به وأظهر احتراقه واشتياقه لمرشد كامل يسعفه، فقال الهندي إن لي شيخاً كاملا، مرشداً عالماً عاملاً، عارفاً بمنازل السائرين إلى ملك الملوك، خبيراً بدقائق الإرشاد والسلوك، نقشبندي الطريقة، محمدي الأخلاق علماً في علم الحقيقة، فسر معي حتى نسعى إلى خدمته في جهان أباد، وقد سمعت إشارة بوصول مثلك هناك إلى المراد، فانتقش القول في قلبه، وأخذ بمجامع لبه، وعزم على المسير بالتجريد تاركاً منصب التدريس والوظائف، فرحل سنة ألف ومائتين وأربع وعشرين الرحلة الأخرى الهندية من طريق الري، يطوي بأيدي العيس بساط البيداء أسرع طي، فوصل طهران، وبعض بلاد إيران، والتقى مع مجتهدهم المتضلع بضبط المتون والشروح والحواشي، إسماعيل الكاشي، فجرى بينهما البحث الطويل، بمحضر من جمهور طلبة إسماعيل، فأفحمه إفحاماً أسكته، وأنطق طلبته، بأن ليس لنا من دليل، وقد أشار إلى هذه الواقعة في قصيدته العربية، متخلصاً لمدح شيخه الآتية أوصافه العذبية، ثم دخل بسطام وخرقان وسمنان ونيسابور، وزار إمام الطريق البحر الطامي، الشيخ أبا يزيد البسطامي، قدس سره، ومدحه بمنظومة فارسية، وزار في تلك البلاد، من الأولياء الأمجاد، حتى وصل طوس، وزار بها مشهد السيد الجليل المأنوس، نور حدقة البتول والمرتضى، الإمام علي الرضا، ومدحه بقصيدة غراء فارسية، أذعن لها الشعراء الطوسية ولظهور البدع فيها عجل الارتحال والقيام، إلى تربة شيخ مشايخ الجام، شيخ الإسلام، الشيخ أحمد النامقي الجامقي، فزاره ومدحه بمقطوعة فارسية بديعة فدخل بعدها بلدة هراة من بلاد الأفغان، واجتمع مع علمائها بالجامع