للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا بعد استئذانه، فازداد بنو المنتفق من الطغيان، وامتدت يدهم على الناس بالظلم والعدوان، فنقم الناس على الباشا المرقوم، وضاقت صدورهم من فعله المذموم، وفي سنة تسع وعشرين ومائتين وألف، جعل الباشا المرقوم حضرة المترجم كتخداه ورئيس عساكره، فنهض نهوض الأسد، وتهدد الأعراب والطغاة بما يوقعهم في النكد، ومن أقبهم خزاعة وزبيد وشمر وآل الضفير، فإنهم منعوا الخراج ونبهوا القرى وقطعوا السبيل حتى إن بعضهم حاصر كربلا مدفن سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنه، وكان إذ ذاك في كلابلاء نحو الأربعين ألفاً من زوار العجم، ومعهم حرم شاه العجم، فلما بلغ الوالي إفساد العربان حول كربلاء، خاف أن يصيب الزوار ضرر فيرجع عليهم شاه العجم بالويل والثبور، وعظيم الأمور، وتلومهم الدولة على الإهمال، وعدم الاعتناء فيما يلزم من الأعمال، حتى آل الأمر إلى ذلك، وأدى إلى الوقوع في المخاطر والمهالك، فتوجه أمير العساكر المترجم المرقوم بعساكر وافرة، ونزل الحلة ووقع بينه وبين العصاة حروب قاهرة لهم وكاسرة، فركنوا إلى الفرار، وتشتتوا في القفار، فأرسل بعض عساكره إلى كربلا، لتأمين الزوار وحفظهم من بلاء أولئك الملا، ولم يزل محافظاً لهم إلى أن وصلوا إلى مأمنهم، واطمأنوا من وقوع شيء بهم، ثم توجه الكتخدا، داود باشا المرقوم بعساكره إلى خزاعة، فقابلوه جميعاً بالخضوع والطاعة، وفي أثناء الطريق عزل شيخ زبيد المختال، ووضع مكانه سفلح بن شلال، ثم أرسل وراء كثير من العربان، وعاقبهم على ما كان منهم من العدوان، وشن الغارة على أهاليهم، وغنم مواشيهم وصال على أدانيهم وأعاليهم، وسار إلى أن نزل بأرض الديوانية مقر العشيرة الروافض الخزاعية، فصار للمترجم شهرة في الآفاق، وعلا ذكره في الإقدام وفاق، ورأى الناس من عدالته وشهامته وشجاعته ومروءته ما لم يروه من ذي الأحكام المتقدمين على مدته، مع النصح للأمة وعدم

<<  <   >  >>