للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطمع فيما في أيدي الناس والعفة والصيانة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحث على التقوى والديانة، ولم يقبل من أحد رشوة ولا هدية ولا يسمع في عساكره وقوع شيء من ذلك بالكلية، بل كل واحد ممن يلوذ به عارف حده، وواقف عنده، ومع كثرة حروب المترجم المرقوم، لا يرى في وقت غير مشتغل بالمعارف والعلوم، مع تلامذته الملازمين له في السفر والحضر، والمتحلين من بحور لآلئه بعقود الدرر، وطلب بقية الأعراب منه الأمان، بعد أن أذاقهم من حروبه كؤوس الذل والهوان ولم يزل المترجم ساعياً لسعيد باشا بالتأييد والنجاح، والنصح والصلاح، مع الصدق والأمانة، والعفة والصيانة، وكان يعرف الوالي دائماً بدسائس ذوي الفساد، وينبهه على مرادهم من البغي والعناد، فداخلهم الحسد، ونصبوا للمترجم شرك النكد، وأرادوا إتلافه على كل حال، وشرعوا في إيقاعه في مهاوي النكال، وكان المترجم يتحمل ذلك لما

لوالد الوالي عليه من الحقوق المشهورة، ويقول " يريدون ليطفئوا نورا لله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ". لد الوالي عليه من الحقوق المشهورة، ويقول " يريدون ليطفئوا نورا لله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ".

ولما اشتد غيظ الأعداء والحساد، قالوا للوالي إن مراد داود قتلك والاستيلاء على بغداد، وأنت تعلم أن جميع العساكر في قبضته، والأهالي كلهم متفقون على محبته، وأتوا بمن شهد على ذلك عند الوزير، وقالوا إن داود باشا وعدنا على قتلك بمال كثير، ونحن لحبنا لك وخوفنا عليك، كشفنا لك عن هذا الأمر وأبديناه إليك. وعظموا الأمر لديه، وأكثروا من إقامة البراهين بين يديه، فدخل على الوالي رعب عظيم، وخوف جسيم، ثم إنه اتفق مع هؤلاء المنافقين بأنهم يرسلون خبراً من طرف الوالي للمترجم بالحضور لمذاكرة في قضية، فإذا حضر أذاقوه في الحال كؤوس المنية، فبلغ المترجم جميع ما اتفقوا عليه، وجنح فكرهم إليه، فلم ير المترجم أحسن من الفرار والتحصن في

<<  <   >  >>