والخوف منه ومن جيوشه ومن تعليماتهم الغريبة الأشكال والأوضاع، ولكنه لم تساعده المقادير كما ساعدت محمد علي باشا على ولاية مصر، فإن داود باشا بينما هو في هذه الأبهة والسلطنة والاستقلال، والخروج عن طاعة الدولة العلية، إذ أرسل عليه السلطان محمود خان العثماني جيشاً نحو العشرين ألفاً، ورئيسهم علي باشا اللاظ، فلما قرب من بغداد ضحك داود باشا واستهزأ بهذا الجيش الضعيف الذي يريد أن يستولي على بغداد، فأخذه الغرور، فقال لو نرسل على هذا الجيش نساء بغداد لما يطيق مقاومتهن، إلا أن الوزير داود باشا لم يعلم ما هو مخبوء له في زوايا
القدر، مما هو عبرة لمن اعتبر. فبينما هو مشتغل في جيوشه لمحاربة علي باشا اللاظ وأمله أسر جميع الجيش ثم الاستيلاء على ما وراءه، إذ دهمه الوباء الطاعوني داخل بغداد الذي أفنى أكثر أهلها، حتى قيل إنه كان يموت في كل يوم أكثر من عشرة آلاف نفس من داخل بغداد. مما هو عبرة لمن اعتبر. فبينما هو مشتغل في جيوشه لمحاربة علي باشا اللاظ وأمله أسر جميع الجيش ثم الاستيلاء على ما وراءه، إذ دهمه الوباء الطاعوني داخل بغداد الذي أفنى أكثر أهلها، حتى قيل إنه كان يموت في كل يوم أكثر من عشرة آلاف نفس من داخل بغداد.
وأما جيش علي باشا اللاظ فإنه بتقدير الله تعالى لم يصبه شيء من ذلك الطاعون، وذلك تقدير العزيز العليم، وانقلب الفرح حزناً، واشتغل الصراخ في كل بيت من بيوت أهل بغداد إلا ما ندر. وقيل إن الذي مات بهذا الطاعون من أولاد داود باشا لصلبه أكثر من عشرة أولاد الذين يركبون الخيل، فانكسرت شوكته، وانحلت قوته، وداخله الهم، ولازمه الغم، وانحل عضده وانفل جيشه، البعض بالموت والبعض بالهرب والفرار، إلى البوادي والقفار، وذلك سنة ألف ومائتين وسبع وأربعين، فلما طلب علي باشا اللاظ، المحاربة معه لم يسعه إلا المصالحة، على أنه يسلم إلى علي باشا بغداد بما فيها، وداود باشا يرتحل إلى الآستانة ويستقيم بها، فسافر داود باشا إلى الآستانة واستقام بها إلى سنة ستين ومائتين وألف، وكان معظماً عند السلطان محمود، ثم عند ابنه السلطان عبد المجيد ورجال دولته لكبر سنه ولطول