اعتقاد المترجم أن الرسالة ليس فيها شيء مما يهم من الفائدة والعلم. هذا ولم يزل مثابراً على المطالعة حتى آنس من نفسه قدرة على الكتابة في الجرائد، وأول ما كتب في جريدة الأهرام سنة ألف وثلاثمائة وعشر ثم في مجلة الهلال، ثم في جريدة المؤيد، وجريدة الموسوعات، والمنار، وغيرها من الجرائد والمجلات، وألف في أثناء ذلك رسالة كيفية انتشار الأديان عام ألف وثلاثمائة واثني عشر. وحاول في تلك السنة والتي قبلها تعلم اللغة الفرنساوية، لكن منعته منه الشواغل أكثر من ستة أشهر، فترك تعلمها مع غاية الأسف، وبعد ذلك لازم الإمام العلامة الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، فاستفاد من علمه الواسع وآرائه العالية فوائد عظيمة، أزالت عن بصيرته حجباً كثيفة، ورأى في نفسه ملكة قدرة التأليف، فألف كتاب الدروس الحكمية، ثم كتاب تنبيه الأفهام إلى مطالب الحياة الاجتماعية والإسلام ثم استفزه الولع بتاريخ الإسلام إلى وضع تاريخ جديد لمشاهير الإسلام من أهل الحرب والسياسة على غير النمط المعهود عند المسلمين، أي على أسلوب جديد يمثل رجال الإسلام في أجلى مثال وأظهره، بحيث يتناول في ذلك التاريخ كثيراً من أخبار دول الإسلام الاجتماعية والسياسية، وأفيض في البحث في فلسفة التاريخ الإسلامي على وجه يتضح به حال تاريخ الإسلام، فباشر ذلك التأليف على صعوبته عام ألف وثلاثمائة وتسعة عشر، وأتم منه الجزء الأول في سيرة أبي بكر ومن اشتهر في دولته في تلك السنة تأليفاً وطبعاً، ثم في أواخرها أتم الجزء الثاني في سيرة عمر بن الخطاب، ولشدة البحث والتنقيب في الكتب عاوده في أثناء تأليفه المرض القديم، فأتمه بكل مشقة، واستراح إلى سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وعشرين، فكتب الجزء الثالث في سيرة المشهورين في دولة ابن الخطاب
وطبعه، وأنه لمشتغل في تتميمه راجياً من الله سبحانه التيسير فجزاه الله خير الجزاء على هذه الخدمة الإسلامية، والمأمول أن الله سبحانه، يهون عليه تأليف كتب كثيرة ينتفع بها الخاص والعام من جميع الأنام. وأنه الآن قد توطن في مصر وتأهل بها، ولم تزل أوقاته معمورة بالمطالعة والكتابة والتأليف والتصنيف، والعبادة الحسنة والأخلاق المستحسنة، والتمسك بالسنة والكتاب، والعمل بهما من غير تعصب ولا تأويل موقع في التباب، ولا يميل إلى العمل والقول بالتقليد، بل يقول أن العمل بالأصلين الشريفين هو لكل سعادة أقليد، وله من النظم البديع، والنثر المزري بزهر الربيع، مقدار عظيم، يشهد بأنه صاحب اليد الطولى والفكر الجسيم، فمن نظمه متغزلاً قوله: طبعه، وأنه لمشتغل في تتميمه راجياً من الله سبحانه التيسير فجزاه الله خير الجزاء على هذه الخدمة الإسلامية،