والمأمول أن الله سبحانه، يهون عليه تأليف كتب كثيرة ينتفع بها الخاص والعام من جميع الأنام. وأنه الآن قد توطن في مصر وتأهل بها، ولم تزل أوقاته معمورة بالمطالعة والكتابة والتأليف والتصنيف، والعبادة الحسنة والأخلاق المستحسنة، والتمسك بالسنة والكتاب، والعمل بهما من غير تعصب ولا تأويل موقع في التباب، ولا يميل إلى العمل والقول بالتقليد، بل يقول أن العمل بالأصلين الشريفين هو لكل سعادة أقليد، وله من النظم البديع، والنثر المزري بزهر الربيع، مقدار عظيم، يشهد بأنه صاحب اليد الطولى والفكر الجسيم، فمن نظمه متغزلاً قوله:
سل سيفاً وصال فينا بأسمر ... من قوام ومقلة تتكسر
عربي قد أعربت عن فؤادي ... مقلتاه بما به قد تسعر
أن سقماً بمقلتيه تبدّى ... ليس سقماً بل ربما السكر أثر
يا بروحي أفديه ظبي غرير ... ناحل القد ناعس الطرف أحور
أن تهادى رأيت غصناً رطيباً ... يتثنى وإن رنا فهو جؤذر
رق معنى فكاد يرشف بالكأ ... س كخمرٍ بها النسيم تعطر
وتباهى على الهلال بحسن ... هو أبهى من الهلال وأبهر
لو رأت حسنه الشموس لولت ... بذيول من الحيا تتعثر
يا حياة القلوب جد بحياة ... لقتيل بحبك اليوم يشهر
وتدارك بقية من عليل ... كاد يخفى من السقام ويدثر
فتعطف على المتيم يوماً ... بوصالٍ أحيا به أو فأقبر
وامزج الدل بالترفق يا من ... بهواه أولو الصبابة تفخر
إن من يرحم المحب ويرفق ... بقتيل الهوى يثاب ويؤجر
وله أيضاً:
كفى بالهوى دمعاً يسيل ومهجة ... تذوب وأحشاء يمزقها الهجر
معذبتي جودي علي بنظرة ... يضم عظامي بعدها اللحد والقبر