نادر، راضياً بعفو الطبع، وما يخف على السمع، فمن لؤلؤه الرطب، ورشح قلمه العذب، قوله مطلع قصيدة متغزلاً:
أما وعيون فاتكات فواتر ... فعلن كأفعال المواضي البواتر
وصبح جبين فوق بدر يزينه ... شقائق ورد بين ليل الغدائر
وعنبر خال حول ثغر مدامة ... حماه ورود الرشف سيف المحاجر
وبلور جيد إن تنازل ريقه ... يريك بريقاً من خلال الحناجر
ورقة خصر فوق طود كثيبة ... تميد بموج فوق بحر الجزائر
وخطيّ قدّ كم ترى عند هزه ... طريح غرام لا جريح خناجر
وهيكل جسم إن تراءى لناظر ... فما هو إلا قطعة من جواهر
بأن الهوى مني وإني من الهوى ... وإن هيولى العشق سار بسائري
ومن منظوماته الحماسية قوله من أبيات:
شموس الرضا دوما علينا بوازغ ... وآلاءُ ستر الله فينا سوابغ
وفي يدنا اليمنى غدا اليمن مغدقا ... بشعر وآداب فنحن النوابغ
لنا في العلا نفس تعز بربها ... وقلب بغير الفكر والشكر فارغ
وقال في مدح دمر:
يا صاح إن رمت المسير لمنزه ... فاقصد بسيرك نحو روضة دمر
فهواؤها محيي الجنان وأرضها ... مثل الجنان وماؤها كالكوثر
ومن لطائفه قوله:
ذهب الربيع بورده وبلينه ... وأتى الشتاء ببرده وبطينه
أما الفقير ففي الشتاء هلاكه ... من همه في فحمه وعجينه
وبسقف بيت عياله من دلفه ... وبرجفه من برده وأنينه