أسفي على الأوحال في الطرقات إذ ... يبست وآن لها بأن تتخمرا
ومتى نرى الإنسان يمشي فوقها ... يغدو ويرجع خائضاً ومشمرا
ومزركشاً من طينها ومطرزا ... ومدبجاً من فرقه وإلى ورا
وبنعله قد شال من أوحالها ... أرطال طين كاد يحني الأظهرا
فلطالما قد قيل أيام الشتا ... زلق الحمار بوحلة فتفطرا
والناس يصطرخون هل من منقذ ... غرق الحمار بحمله وتكسرا
أسفي على الحمال لو أبصرته ... لرحمته لما بكى وتحسرا
فإلى متى لا تحمل العكاز بل ... لا يلبس القبقاب بل لا يشترى
ومتى نرى سطح السقوف مكلساً ... ومخمراً بالثلج أبيض نيرا
لو أنني جمعته وخزنته ... للصيف كنت عملت منه متجرا
فبمثل هذا الحال كان شتاؤنا ... أفلا يحق عليه أن نتقهرا
يا أجرد الكانون جئت معاكساً ... تدع الغصون ونحن ننبذ بالعرا
وكذا الأصم أخوه لا يبغي بأن ... ننطم في وسط البيوت ونقبرا
لو كان يسمع لا يضن ببرده ... لكن أصم فليس يسمع ما جرى
فعسى بآذار يجود بمالنا ... قد ضن فيه شتاؤنا إن أدبرا
وقال في القصيدة الثانية التي وقعت جواباً على لسان حاله فهي:
يا من تكلم في الشتاء بما درى ... ورأى بأن البرد فيه تأخرا
برد الشتاء لقد تحول عنكمو ... وأظنه قد ضل في إحدى القرى
جوبوا البلاد لعلكم تجدونه ... في قارة قد قرَّ فيها أو سرى
إن لم تروه بها فجدوا خلفه ... فلعله في حمص زار وزمهرا
أم في حماة أتى إليها يحتمي ... فعصى بعاصي نهرها وتسترا
أم راح نحو مدينة الشهباء أم ... رام الإقامة في ذرى أم القرى