وإن اشترى شيئاً غدا من بخله ... يخفيه تحت ثيابه متسترا
والمعدمون يبصبصون بأعين ... حول الغني ويرجعون القهقرى
وإذا الفقير أتاه يبكي كسرة ... أو جاء ضيفاً يبتغي منه القرى
ما كان إلا بالعصا إكرامه ... أو بالعطا أعطاه فلساً أحمرا
وكم تمنى الأغنياء بأن يروا ... في ساحة الفقراء ريحاً أصفرا
كي لا يروا أبداً فقيراً بل ولا ... يجدون مسكيناً وأشعث أغبرا
يا ويحهم ماذا يكون جوابهم ... في القبر حين يروا نكيراً منكرا
للأغنيا ويل من الفقرا غدا ... يوم القيامة إذ يرون المحشرا
إذ يقبضون عليهم في موقف ... منه الوليد يشيب من بين الورى
ويقول كل منهم يا ربنا ... خذ حقنا منهم فلن نتأخرا
يبقى الغني هناك لا مال له ... فيصير عما قد جنى متحسرا
فالآن أنتم يا ذوي الأموال إن ... واسيتموا الفقراء آتي ممطرا
وتزوركم رحمات رب لم يزل ... للمحسنين مساعداً وميسرا
وترون فصلي فصل خصب مقبل ... في كل خير بالرخاء مبشرا
ولتسمعن رعوده كمدافع ... ولتنظرن البرق فيه منورا
ولتبصرن هتون مزن سحابه ... فسيوله في الأرض تحكي الأبحرا
ولسوف ينزل ثلجه ببلادكم ... فهناك يبني أذرعاً أو أكثرا
ويروج سوق سويقكم في وقته ... فكلوا السويق مدبساً ومكسرا
وله من هذا الباب، ما تلذ به أولوا الألباب، مما يعترف له بحقه، ويعرف به مقدار سبقه، ثم أنه في ثاني وعشرين من شوال عام ألف وثلاثمائة وسبعة عشر بعد طلوع الشمس وكانت الساعة اثنتين من النهار صباحاً توفي المترجم فجأة وكان له مشهد عظيم، ومحفل جسيم، وكانت الصلاة عليه في جامع السنانية ودفن في مقبرة باب الصغير وراء قبر والده رحمه الله تعالى.