للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويسمو احترامه، ولا يزال إن شاء الله في رفعة عالية ونعمة نامية. وفي عام ألف وثلاثمائة وخمسة أنشأ له حضرة السلطان المذكور داراً عظيمة مع تكية للإخوان الشاذلية، وكان يكاتبني في بعض الأحيان، ويخاطبني مع رفعة مقامه خطاب الإخوان، بعبارات فائقة، ومعان رائقة، دالة على أنه بلغ ما أراد، من العلم والعرفان والإرشاد، ومرة جاوبته عن كتاب أرسله وجعلت له هذه القصيدة مع الجواب، وهي:

ما كنت أعرف ما الهوى لولاكا ... لا والذي أولى البها أولاكا

يا فاتني كف الجفا عن مغرم ... مضنى وعامل بالجميل فتاكا

أنا ذلك الخل الوفي بعهده ... هل خلت يا بدر الدجى انساكا

ما شئت فاصنع بي فما لي ملجأ ... إلا إليك لأنني مولاكا

واهاً لمن من طرف دخل البلا ... ء لجوفه من نظرة تلقاكا

من لي بأن ترضى بروحى والحشا ... وبمهجتي يا منيتي وأوراكا

لم يثنني عنك النحول ولا الضنى ... فبما ترى عني العذول ثناكا

قد ضاق بي رحب الفضا وقد انقضى ... عمري ولم أظفر بغير جفاكا

يا عاذلي كف الملام فإن لي ... قلباً يسوم من الهوان هلاكا

أو ما دريت بأنني فيه أرى ... عذباً عذابي لا أروم فكاكا

ذلي له عز واضلالي هدى ... وأرى الملام بحبه إشراكا

أسرفت في لومي ولا أصغي ولو ... كان الحبيب بصبه فتاكا

لو شمته والشعر منسدل على ... أردافه ما كنت تنكر ذاكا

أو لو بدا فجر الهدى من وجهه ... لسلا حشاك وضل فيه حجاكا

أو لو تثنى تائهاً بقوامه ... أزرى الغصون بميله وسباكا

سلم لنا واسلم فآية حسنه ... ما زاغ عنها مبصر إلاكا

يا لائمي كن راحمي فإلى متى ... أعلي من أهواه قد ولاكا

حتى سعيت بما سعيت به ولم ... تذر العناد ولم تراع أخاكا

<<  <   >  >>