علينا أهلة هذي الشهور ... غدت تحصد العمر في منجل
وداست بيادر أيامه ... بنات لياليه بالأرجل
وقد نثرته مذاري الخطوب ... كنثر الحبوب من السنبل
وقد طحنته رحى النائبات ... دقيقاً فما احتاج للمنخل
وقد عجنته بماء الصدود ... أكف القطيعة في الموصل
وقد خبزته سليمى الهموم ... بمسجور تنورها المصطلي
وقد قورته رغيفاً رغيف ... فقلنا لأم الدواهي كلي
ومر الصباح كريح الصبا ... ومنه الشمائل كالشمأل
وطار إلى ما ورا الخافقين ... يرفرف في خافقي أجدل
وضاع الشباب فرحنا عليه ... ندور من الشيب في مشعل
وقد خضبته أكف الغموم ... خضاباً إلى الحشر لم ينصل
وكان السواد قراباً له ... فصار البياض شبا المنصل
بكينا على زمن مدبر ... كما الطفل يبكي على المطفل
ولا بد من بعد هذا البكاء ... سنبكي على الزمن المقبل
تشابه ذا اليوم مع أمسه ... فقسنا الأخير على الأول
وقال رحمه الله:
وقاض بجور ماله من مضارع ... على أنه بالعسف أقطع من ماض
قضى ومضى لكن إلى كل غاية ... من الخزي لا يحظى بها أبداً قاض
يقولون يقضي قلت لكن بباطل ... وقالوا يقص الحق قلت بمقراض
وقال رحمه الله تعالى:
كل يوم يجرد الدهر سيفاً ... نصله الصبح والمساء قرابه
يتراءى نجاده من شعاع ... وعمود الفجر المنير نصابه
والدراري في ظهره فقرات ... فالورى مثل ذي الفقار تهابه