من أذيال أفضالك، والمجزوم، والمجزوم به من أجزال نوالك، بعد أن أرشت من شؤونه الخوافي والقوادم، وبللتها بعد بل الصدى بقطر الندى من هاطل وابل جودك المتراكم، كيف استطاع المطار مع الاختيار عن تلك الأوكار إلى هذه الأقطار، وخلف ما خلف من هاتيك الرياض الورقة الفضائل والحياض المتدفقة بالفواضل، وما دعاه إلى ذلك فأجاب بعد الاستئذان إلا حب الوطن الذي هو من الإيمان، والحنين إلى ما ترك في رصافة بغداد من الأولاد وأفلاذ الأكباد، ولعفاف مجبول في جبلته، وكفاف معجون في طينته، وما راعى قول من تقدم من الشعراء:
يقع الطير حيث يلتقط الحب ... ويغشى منازل الكرماء
فرجع مملوء الحقايب، مما أسديت له من غرائب الرغائب، بعد أن حصل ما كان يتوقعه من بلوغ الأمل، ولم يقنع من الغنيمة بعد الكد، وقد ساعد الجد بالقفل، وبناء على أشكال تأسيسه الرصينة البنيان، المهندسة الزوايا والأركان، في وصف رصف تلك المزايا الحسان، والسجايا السامية الشان، وضعت قواعد هذا الكلام السطحي التعبير، ورفعت أبنيته فسامتت منطقة البروج بل المحدب بالتقعير، وأنفت بوصف تلك المآثر على الأثير، فأدى فتح باب فصل الخطاب، إلى اتصال مد أطناب الإطناب، المؤذن بعدم رد الجواب، عن هذا الكتاب الكثير الإسهاب، فليسبل حضرة المولى، وهو باللطف أولى، ذيل مراحمه ولطفه، عما تداخل في هذا الكلام من العلل المفضية إلى عدم صرفه، وعلى أنه داخل في باب الوقف، وممنوع لدى المنتقد عن الصرف، فهو علا علاته موقوف عليك وقفاً مؤبداً، ومع ذكرك الجميل جيلاً بعد جيل مخلداً، والله أسأل وبنيته أتوسل أن يقيك ويبقيك خادماً لأبيك مخدوماً لبنيك، وأن لا يخليك من قرة عينك بهم وقرة أعينهم فيك، وأن يقيمك مركزاً