الذين كانوا قريباً منهم، إلى أن صارت المحاربة بين الدولة والروسية وصارت تلك الطوائف من النصارى مع روسية، وساقت الدولة بهذه الفتنة العساكر الكثيرة، وأنفقت الخزائن الوفيرة، فقدر الله بانهزام جيوش الإسلام وأسر كثير منهم في بلونة وذلك بسبب محاصرة عساكر الروسية لهم في ذلك البلد، وعدم إمكان وصول الميرة إليهم لشدة البرد، وكثرة الثلج، وممن أسر من كبار عساكر الإسلام الوزير عثمان باشا الغازي قوماندان ذلك الجيش في بلونة، ثم أطلق مع كثير ممن أسروا وكان إطلاقهم بعد انعقاد الصلح وتملك الروسية كثيراً من المدائن العظام إلى أن وصلوا إلى قريب أدرنة.
والكلام على هذه الفتنة طويل قد أفرد بالتأليف، وختام الأمر أن بقية الدول توسطت في الصلح بين الدولة العلية ودولة الروسية وانعقد الصلح سنة خمس وتسعين على أن يبقى تحت يد الروسية ما تملكوه من البلاد، وأن الدولة العلية تدفع لهم غرامة الحرب وكان شيئاً كثيراً، وتبقى للدولة أدرنة وما يليها. وكان هذا الخلل إنما دخل على المسلمين بعد خلع السلطان عبد العزيز فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي سنة ست وتسعين ومائتين وألف أعطت الدولة العلية جزيرة قبرس للإنكليز، على أن تكون بأديهم سنين موقتة بشرط أن يدفعوا للدولة العلية قدر الخراج الذي كان يحصل منها، وقد تكرر وضع اليد على قبرس من المسلمين والنصارى مراراً كثيرة، أولها من زمن الصحابة حين افتتحها معاوية رضي الله عنه، وبعد ذلك صار المسلمون والنصارى يتداولونها، تارة تكون بيد هؤلاء وتارة بيد هؤلاء، وفي سنة ست وتسعين ومائتين وألف خلع والي مصر إسماعيل باشا بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا.