للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة ثنتين وثلاثمائة بنحو من سبعين مركباً مشحونة بالعساكر الكثيرة، والآلات والاستعدادات الوفيرة، وخرجوا لقتاله في البر قريباً من سواكن، فهزمهم وقتل أكثرهم وشتت شملهم وغنم أكثر أموالهم ودوابهم وذخائرهم وأسبابهم، وإلى هذا الوقت وهو شهر ذي الحجة من سنة ثنتين وثلاثمائة وعثمان ذقنه ومن معه من السودان في نواحي سواكن محاصرون لها، وفيها عساكر للإنكليز وصاحب مصر قيل أن جيوش محمد أحمد تبلغ ثلاثمائة ألف أو يزيدون. وأما دعوى أنه المهدي فمختلف فيها فمن الناس من يقول أنه يدعي أنه المهدي، ومنهم من يقول لم يدع أنه المهدي بل يقول أنه قائم لإظهار الحق وإقامة الشريعة وإخراج الإنكليز من مصر، والأكثر من الناس يقولون أ، هـ رجل صالح على غاية من الاستقامة، ومنهم من يقدح فيه وينسب إليه خلاف ذلك، ويقول إن جيوشه يقع منهم فساد كثير، وليس لهم غرض إلا القتل والنهب، وإنهم في استيلائهم على كردفان والخرطوم وغيرهما قتلوا خلقاً كثيراً من المسلمين، فيهم العلماء والصلحاء والنساء والأطفال، وقيل إن وقوع ذلك كان من بعض المفسدين منهم ولم يرض بذلك محمد أحمد ولم يأمر به، والله أعلم بحقيقة الحال. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن انتصار آخر هذه الأمة في آخر الزمان يكون بالسودان فيحتمل أنهم هؤلاء ويحتمل أن يكونوا غيرهم، وانتصار المسلمين بهم في آخر الزمان مأخوذ مما ذكره الخازن في تفسيره عند تفسير قوله تعالى " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين " من سورة الواقعة فإنه قال ما نصه: ثلة من الأولين يعني من المؤمنين الذين قبل هذه الأمة، وثلة من الآخرين يعني من مؤمنين هذه الأمة، ويدل عليه ما رواه البغوي بإسناد الثعلبي عن عروة بن رويم، وقال لما أنزل الله عز وجل قوله تعالى: " ثلة من الأولين وقليل من الآخرين " بكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه

<<  <   >  >>