للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل مسلم والذي يقاتلهم يكون باغياً خارجاً عليهم، فالواجب على كل مسلم السعي في تشييد دولتهم وتثبيت قواعدها، وإهانتهم في إظهار الشريعة وإحياء السنن وإماتة البدع، والدعاء لهم بالتوفيق، فنسأل الله تعالى أن يوفقهم لكل خير وأن يلهمهم كمال الرشد والصلاح، وكذا سائر وزرائهم وقضاتهم وعمالهم.

ثم إن هذا القائم بالسودان وهو المسمى محمد أحمد إما أن يكون باغياً خارجاً على السلطان فيجب قتاله وإن لم يدع أنه المهدي، ويمكن أن الله أقامه لإخراج الإنكليز من مصر إعانة للدولة العثمانية ولا يريد الخروج على السلطان وإنما يريد أن يكون من جملة رعايا الدولة العثمانية ثم يكون لإعانة المهدي؛ ويؤيد ذلك ما ذكره الجلال السيوطي في رسالته التي ألفها في علامات المهدي، فإنه ذكر فيها حديثاً أخرجه نعيم بن حماد عن أبي قبيل قال: يكون أمير بإفريقية اثنتي عشرة سنة ويكون بعده فتنة، فيملك رجل يملؤها عدلاً، ثم يسير إلى المهدي فيؤدي إليه الطاعة ويقاتل عنه، فيمكن أنه هو هذا الرجل المسمى محمد أحمد ويمكن أنه غيره والله أعلم بأسرار غيبه. وقيل إن الذين يشيعون أنه هو المهدي إنما هم بعض أتباعه ليرغبوا عامة الناس في اتباعه والدخول في طاعته، وأما هو فإنه لم يدع أنه المهدي، بل قال بعض من اجتمع به أنه سمع منه بلا واسطة أنه يقول: إني لست أنا المهدي المنتظر وإنما أنا قائم لإظهار الحق وإقامة الشريعة، وأما أن ثبت أنه يدعي أنه هو المهدي المنتظر فالأمر مشكل، لأن المهدي المنتظر لا يدعي أنه المهدي ولا يطلب البيعة لنفسه ولا يقاتل الناس لتحصيلها ولا يبايع إلا وهو مكروه، بل لا يبايع الناس حتى يتهددوه بالقتل وذلك أن الله يطلع بعض من اختصه من صالحي عباده وعلى علاماته، فيدلون الناس عليه فيطلبونه فيفر منهم مراراً، ثم يمسكونه ويكرهونه على البيعة ويتهددونه بالقتل،

<<  <   >  >>