وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف أظهر العصيان أهل جزيرة كريد وكثير من البندقية، فجهزت الدولة جيوشها براً وبحراً وكذلك جهز صاحب مصر جيوشاً كثيرة فكانت مع عساكر الدولة، ووقع بينهم وبين العصاة حرب شديد كان النصر فيه لعساكر المسلمين، وأذاقوا العصاة الوبال، وأرجعوهم إلى الطاعة والاعتدال. وفي سنة تسع وسبعين توجه المترجم إلى الديار المصرية للتنزه والتفرج، وكان ذلك في ولاية إسماعيل باشا بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا. وفي سنة أربع وثمانين توجه إلى باريز تخت ملك الفرنسيس، وكان قد دعاه نابليون حينما دعا عدة من الملوك العظام، وكان في رحلته هذه قد مر على أدرنة وعلى قلعة بلغراد، وكان السرب قد طلبها منه أعطاهم إياها، فحين عاين تحصينها غضب لذلك، وكانوا أخبروه أنها مهدومة وأنها مدينة كاسدة، فلما رآها ندم حيث لا ينفع الندم. وفي سنة ثمان وثمانين أرسل جيشاً عظيماً تحت قيادة رديف باشا إلى بلد عسير حينما خرجوا عن طاعته، فهزمهم وقتل أميرهم محمد بن عايض ابن مرعي، وقتل كثيراً وأسر كثيراً وأرسلهم إلى الآستانة، وصارت بلاد عسير في حكم الدولة منضمة إلى ولاية صنعا واليمن، وفي هذه السنة أيضاً كانت فتنة عظمى بين ألمانيا وفرانسا آل الآمر فيها إلى هزيمة الفرنسيس وأسر ملكم نابليون الثاني. وفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف سابع شهر جمادى الأولى خلع المترجم المشار إليه ومات بعد خمسة أيام، وعمره ثمان وأربعون سنة، ومدة سلطنته ست عشر سنة وأربعة أشهر رحمه الله تعالى. وقد أشيع أنه قتل نفسه بمقص قص به عرقاً في ذراعه فمات، وفي سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف نفي جماعة من الوزراء إلى الحجاز، فحبسوهم في قلعة الطائف، منهم: مدحت باشا ومحمود باشا داماد