فقلت له يا طير قطعت مهجتي ... وهيمت مضنى وهو بالحب والع
وذكرتني يوماً رمى القلب في الغنا ... ومن لي وقلبي في جوى الحب واقع
فهاك حديثاً عن حقيق محبتي ... تسلسله عني دموع هوامع
فقد رمقت عيني لوامع ظبية ... لها برق وجه في دجى الشعر لامع
وحاجبها قد فاق حسناً وثغرها ... فريد نظام للفرائد جامع
ولما بدت للصب ماست وقد رنت ... فما البرد ما الأغصان ما الريم راتع
وفي البعد عنها واسع الأرض ضيق ... وفي القرب منها ضيق الأرض واسع
وكل محب ما اهتدى بجمالها ... فذاك كذوب في الضلالة واقع
إليها جميع الحسن يعزى أصالة ... وحسن سواها في البرية تابع
إلى أن قال:
إذا أقبلت فالشمس تسجد هيبة ... وإن خطرت فالغصن في الروض راكع
ولي مخلص من صدها بتشفعي ... إليها بمن لي في القيامة شافع
فلولاه لم نعرف لدين ولا تقى ... ولولاه لم يوجد مدى الدهر طالع
ولا عيب أن قيل الغنيمي مادح ... رسول إله عبده فيه طامع
فذاك عبيد للغني ومن له ... سواه إذا اشتدت عليه الموانع
وله قصائد كثيرة، وفضائل معروفة شهيرة، وخيريات حسنة وتعميرات مستحسنة. وكانت الناس تأتيه بالهدايا وتقصده بعظيم الوصايا، وقد جدد عمارة الجامع الذي بجانب داره في الميدان في محلة ساحة السخانة وأنشأ له منارة عظيمة متينة. وبالجملة والتفصيل، قد كان شهماً ما له من مثيل، وقد اتسع جاهه وكثر في الناس ثناؤه، وخالطت هيبته القلوب فكان لها أجل مطلوب ومرغوب. ولم يزل على استقامته في طاعته وعبادته، وإفادته لطالبه ووارده، وإحسانه لراغبه وقاصده، إلى أن سجع على دوحه حمام الحمام، ودعاه إلى الرحلة داعي الأنام. فتوفي رحمه الله تعالى رابع