هي على ظاهرها أم سلك فيها مسلك الحقيقة والإشارة؟ فطال بيننا الكلام، في هذا المقام، إلى أن قال لي: إن بعض الناس وقع من هذه العبارة في التباس، فبعضهم أنكرها وبعضهم توقف في المقصود منها وأمرني أن أكتب عليها ما يزيل حجاب الاعتراض عنها، فامتثلت أمره، وأجللت بالقبول قدره، وقلت مستعيناً بالله معتمداً على فضله وعلاه، مستمداً من فيضه العميم، أنه رؤوف رحيم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جازى عباده عن ذكرهم بذكره، ورغبهم في السؤال والدعاء بأمره، فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخيرة الأصفياء، وعلى آله والتابعين، وأصحابه السابقين الأولين، ما ذكر الله ذاكر وشكره على قبوله شاكر. أما بعد فيقول سيدي الشيخ الإمام أحمد بن إدريس المغربي الحسني نسباً الإدريسي من ذرية سيدنا إدريس بن عبد الله قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه: لو أطال الله عمر رجل من زمن أبينا آدم إلى قيام الساعة وهو يقول " أي بلسانه مع تصديق جنابه لكثرة الأجر والثواب والخلاص من سوء العذاب " لا إله إلا الله محمد رسول الله بدون أن يكون مستغرق القلب بالله، متخلياً عن شهود ما سواه، بل قلبه مشغول بالأمور الدنيوية، وفكره محصور بالأحوال الدنية، قد استولى على قلبه الحجاب، على سبيل الاستيعاب، فلم يبق مع ذلك لديه مطمع لتجلي الحقائق فيه، لعدم نورانيته بتراكم ظلم الحجب على عين بصيرته، لم يطلب من ذكره مع الحجاب سوى الأجر والثواب، قد غفل عن السير في مناهج الوصول، وظن أن حالته هي المنى والمأمول، مع أن أهل الله ما ألقوا نفوسهم في المهالك، وسلكوا أصعب المسالك، وفعلوا الفرائض والنوافل وذكروا الله في البكر والأصائل، إلا ليكشف لهم الحجاب ويشهدهم بعين قلوبهم