تعالت واحديته سبحانه ... عن التوحيد بالتوحيد في قدسه
وهذا هو المراد بقول سيدي أحمد بن إدريس: ورجل أي آخر قال لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله مرة واحدة في القيمة يسق ذاك لأنه قالها في حضرة الشهود حين انمحت الذات بالذات، والصفات بالصفات، وغابت العين بالعين وزال التعبير بالاثنين، حينئذ ما قالها إلا الله، ولا نطق بها سواه، وصح له أنه نطق بالكلمة الكريمة في كل لمحة ونفس، لأن ذلك وما فوقه لم يخرج عن كونه من الوسع الإلهي الذي هو عبارة عن التجلي بجميع المظاهر الوجودية والوجوبية والإمكانية والصورية والمعنوية والحكمية والأثرية والعينية والعلمية والفرضية والقولية والفعلية والحسية والتنزيهية والتشبيهية فكان عين جميع ذلك من وجه واحد من كل الوجوه، وكان غير ذلك جميعه من وجه واحد من كل الوجوه، فهو الواسع الذي قبل الضدين وتجلى بالوصفين، وكان عين الشيء وخلافه وتقيد فهو مقيد وانطلق فهو منطلق، وتقيد في الانطلاق وانطلق في التقييد فصدقت عليه جميع الاعتقادات، ووقعت عليه جميع العبارات، كلت الألسن عن حصر ما هو عليه، وانحسرت العقول السليمة عن الوصول إليه، أحاط الكون عدماً ووجوداً، ولم يحط الكون به، ووسع الأشياء كلها علماً وعيناً وذاتاً وصفات ولم يسعه شيء. أما قوله في الحديث القدسي ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن، فهذا الوسع عند المحققين إنما هو عبارة عن قبول القلب للألوهية من حيثه