الحضرة الخديوية، في طلب العفو والأمان، حسبما قررناه قبل الآن، فكتب إلى والده بمصر، يعلمه بهذا الأمر، فلما وقف العزيز على هذا الخبر، داخله الغيظ والكدر، وتأثر من مخالفة الأمير، وكتب إليه كتاباً على سبيل التنبيه والتحذير، يعاتبه على ذلك القصور
ويتهدده بسوء العاقبة إن تأخر عن الحضور، ومن جملة فحواه، ومضمون ما حواه إن لم تحضر إلى خدمة ولدي إبراهيم باشا سريعاً، وتكون لأوامره سريعاً مطيعاً، فليكن عندك يقيناً، أني سأخرب مساكنك وأغرس أرضها عنباً وتيناً، وقد بالغنا في النصيحة، وحذرناك بأقوالنا الصحيحة، فاستيقظ من رقادك، واحذر عاقبة عنادك، قبل أن تهجم العساكر عليك، وتأخذ ولايتك من بين يديك. فاضطرب الأمير بشير، من هذا التهديد والتنذير، وأثر فيه هذا الكلام، وخاف عواقب الانتقام، فصمم على التأهب والمسير، للورود على إبراهيم باشا من غير تأخير، وركب من يومه، في مائة فارس من قومه. ولما أقبل على المعسكر، خرج إلى ملتقاء أميرالاي العسكر، وتبعه بحري بك رئيس الكتيبة ومصطفى آغا بربر، وبعض رؤساء العساكر والجنود، بالموسيقى وإطلاق البارود، فدخلوا به الأوردي بموكب عظيم، ونزل في الخيمة المعدة له قرب خيمة إبراهيم. وكان إبراهيم باشا حينئذ يجول بين الجيوش والقواد، ويرتب الصفوف والأجناد، وينشطهم على الهجوم والثبات، والحرب قائمة على عكا من جميع الجهات. وعند رجوعه في المساء استدعى الأمير إليه، فطيب قلبه وصفى خاطره عليه، ولاطفه بالحديث والكلام، وأجلسه معه على سفرة الطعام، وفوض إليه أحكام جبل لبنان، واتخذه من جملة الحواشي والأعوان، وكان قد أرسل فريقاً من العساكر، بالمهمات والذخائر، لاستخلاص الثغور والأساكل، تحت قيادة حسن بك المناسطرلي الرجل الباسل، فاستولى على صيدا وصور، وبيروت وطرابلس وباقي الثغور، وكانت العمارة الرابطة تجاه عكا قد تعطل بعضها من شدة العواصف والأنواء ووقوع الكلل الكبار، التي كانت تسقط عليها كالأمطار، من الأبراج والأسوار، في الليل والنهار، فأقلعت بأمر إبراهيم باشا إلى الإسكندرية، في آر كانون الثاني سنة ألف ومائتين وسبع وأربعين هجرية، وألف وثمانمائة واثنتين وثلاثين رومية. هـ بسوء العاقبة إن تأخر عن الحضور، ومن جملة فحواه، ومضمون ما حواه إن لم تحضر إلى خدمة ولدي إبراهيم باشا سريعاً، وتكون لأوامره سريعاً مطيعاً، فليكن عندك يقيناً، أني سأخرب مساكنك وأغرس أرضها عنباً وتيناً، وقد بالغنا في النصيحة، وحذرناك بأقوالنا الصحيحة، فاستيقظ من رقادك، واحذر عاقبة عنادك، قبل أن تهجم العساكر عليك، وتأخذ ولايتك من بين يديك. فاضطرب الأمير بشير، من هذا التهديد والتنذير، وأثر فيه هذا الكلام، وخاف عواقب الانتقام، فصمم على التأهب والمسير، للورود على إبراهيم باشا من غير تأخير، وركب من يومه، في مائة فارس من قومه. ولما أقبل على المعسكر، خرج إلى ملتقاء أميرالاي العسكر، وتبعه بحري بك رئيس الكتيبة ومصطفى آغا بربر، وبعض رؤساء العساكر والجنود، بالموسيقى وإطلاق البارود، فدخلوا به الأوردي بموكب عظيم، ونزل في الخيمة المعدة له قرب خيمة إبراهيم. وكان إبراهيم باشا حينئذ يجول بين الجيوش والقواد، ويرتب الصفوف والأجناد، وينشطهم على الهجوم والثبات، والحرب قائمة على عكا من جميع الجهات. وعند رجوعه في المساء استدعى الأمير إليه، فطيب قلبه وصفى خاطره عليه، ولاطفه بالحديث والكلام، وأجلسه معه على سفرة الطعام، وفوض إليه أحكام جبل لبنان، واتخذه من جملة الحواشي والأعوان، وكان قد أرسل فريقاً من العساكر، بالمهمات والذخائر،