من الأرناؤوط والهواري والعربان، وعند وصوله إلى المدينة، حصن قلاعها بالمدافع والأبنية المتينة، وأقام بفرسانه فيها، وعسكر في جهاتها ونواحيها، منتظراً قدوم العساكر العثمانية، ومجيء حسين باشا من القسطنطينية، وأرسل أمامه عثمان باشا كامل، في أربعة آلاف مقاتل، بين فارس وراجل، لقتال العساكر المصرية، واستخلاص المدن البحرية، فسار بهمة وحمية، واستولى على اللاذقية، ثم تقدم بعزم وثبات، إلى نواحي طرابلس وتلك الجهات، فالتقاه من عساكر مصر شرذمة، نحو خمسمائة نسمة، وكان في مقدمتهم الأمير خليل الشهير، ابن الأمير الشهابي بشير، وبمعيته ستمائة بطل، من عسكر الجبل، ولما وقعت العين على العين، اشتعلت نيران الحرب بين العسكرين، والتقت الفرسان بالفرسان، والأقران بالأقران، واختلف الضرب والطعان، وسالت الدماء على أديم الصحصحان، وأخذ حده السيف والسنان، ولم تكن إلا ساعة من الزمان، حتى تضعضعت من عثمان الأركان، فولى الأدباء، واستنجد بالفرار، ورجع بمن معه من الفرسان والأنفار، إلى قلعة الحصن وبلاد عكار، وهو في حالة الذل والانكسار، وحينما بلغ إبراهيم باشا هذا الخبر، ومجيء محمد باشا إلى حمص بذلك العسكر، وهو إذ ذاك محاصر عكا الحصينة، وقد كاد أن يفتحها ويهدم أسوارها المتينة، تجهز من يومه وسار، في أربعة آلاف فارس كرار، قاصداً تلك الديار، وترك عكا تحت الحصار، ثم عجل في السير، وسابق بمسيره الطير، فأدرك عثمان باشا في أرض الزراعة بقرب القصير، وكان محمد باشا قد أمده بالمهمات والذخائر، وأضاف إليه فرقة من العساكر، فناوشه الحرب، وبادره بالطعن الضرب، فقهره وكسره، وفرق جيشه وعسكره، وفر عثمان باشا من ساحة المعمعة، وترك الذخائر والمهمات والأمتعة، ولجأ إلى حمص بمن سلم من جنده معه، بعدما قتل من عسكره