للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحو ألف قتيل، ومن المصريين نفر قليل، ثم رجع إبراهيم باشا على الأثر، بعدما غلب وقهر، وفاز وانتصر، وغنم وأسر وبلغ القصد والوطر، وأتى دير القمر، وترك فيها ألفاً وخمسمائة نفر، من شجعان العسكر، وعاد إلى عكا بعد ذلك الانتصار، وشدد عليها الحصار، وكان قد أرسل عباس باشا إلى بعلبك في اليوم الخامس عشر من نيسان، وأصحبه بألابين من الفرسان، ليقيم محافظاً في ذلك المكان، وكانت الحرب على عكا قائمة، والمدافع على أبراجها متصلة دائمة، حتى هدم أكثر حصونها وأسوارها، وسقط رونق مجدها وفخارها، من وقوع الكلل والقنابل، وهجوم الأبطال والجحافل، وكانت سكان البلد، من الشيخ إلى الولد، في خوف واحتساب، وقلق واضطراب، من سقوط الكلل وأصوات البارود، فكانوا يستترون تحت العقود، واستمر القتال، على هذا المنوال، مدة سبعة شهور، بلا انقطاع ولا فتور، وكان المصريون في أثناء الحصار، يحفرون حفراً تحت أساسات الأسوار، ويضعون فيها البارود ويضرمونها بالنار، فتهدم ما فوقها من البنيان.

ولما كان يوم الجمعة الموافق من ذي الحجة سنة ١٢٤٧ هجرية، صمم إبراهيم باشا النية، بقيام هجمة قوية، لينتهي بها الحال، وتكون واقعة الانفصال، فجمع أركان حربه إليه، وأخبرهم بما قد عول عليه، وأعطاهم الأوامر والإرشادات اللازمة، المتعلقة بكل واحد منهم في تلك المهاجمة، وعين لها اليوم الثاني من ذلك النهار، وهو السابع والعشرون من ذي الحجة والثامن والعشرون من أيار، ولكن لما كان الأحسن قبل القتال طلب التسليم على أحسن حال، أرسل إلى عبد الله باشا قائداً من العمد، يطلب إليه أخيراً أن يسلم البلد، قبل أن تفوته فرصة الأمان، ويقع في قبضة الأسر والهوان، وأنه غير منفك عن هذا الشأن، ولو تخربت عليه جبابرة الأرض ومردة الجان، فلم يلتفت عبد الله باشا إلى هذا التحذير والتنذير،

<<  <   >  >>