للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصدور والأعيان، وعرج معارج السادة ذوي الفضل والشان، واستدام حفظه الله على ذلك، سالكاً في مستقيم هذه المسالك، إلى أن عاد والده الشريف إلى الإمارة العلية، سنة ألف ومائتين واثنتين وسبعين هجرية، فعاد مع والده لوطنه وبلدته، ومحل ولادته ونشأته، فنما بها ونحا نحو المعالي والصعود، وسما إلى أن استوى على مطالع اليمن والسعود، ولازم أهل العلم والفضل، وتحلى بالعبادة واللطافة والعقل، متكللاً بإكليل النباهة والأدب، متكملاً بجميل المجد وجليل النسب، حاسماً مادة الخروج عن المنهج الأكمل، راسماً على نفسه أن يترقى في أطواره عن كل جميل إلى أجمل، ولم يزل إلى أن طلع في سماء الهداية بدراً، وارتفع على أسره العناية فكان لها هامة وصدراً، وزرع في القلوب حب المحبة، فأثمرت سنابلها كل سنبلة ألف حبة.

وفي سنة ألف ومائتين وأربع وسبعين في شهر شعبان، توفي والده الشريف وانتقل لأعلى الجنان، وكان قد بلغ من العمر سبعين سنة، جعل الله ذروة الفردوس مقره ومسكنه، وكانت مدة إمارته أولاً أربعة وعشرين عاماً، وثانياً سنتان وجملة إمارته ستة وعشرون عاماً تنقص أياماً، وبقي المترجم بعد موت والده مستقيماً في البلد الحرام، وكان له بها التقدم ورفعة المقام.

وفي سنة سبع وتسعين توفي أخوه الشريف حسين باشا وكان بعد موت والده على الحجاز أميراً، فمات شهيداً وفاز مع الذين جزاهم بما صبروا جنة وحريراً، فتولى حضرة المترجم الإمارة بطريق الوكالة، إلى أن حضر الشريف عبد المطلب إلى الحجاز أميراً بالأصالة، ثم في السنة المذكورة في رجب، توجه إلى الآستانة وكان قد توجه له من الخليفة الأعظم طلب، وفي ذي الحجة من السنة المذكورة، عاد بالرخصة إلى وطنه وبلدته المشهورة، وبقي هناك إلى سنة تسع وتسعين، فانفصل الشريف عبد المطلب

<<  <   >  >>