ولما تسلط الكفرة من اليهود والنصارى والمشركين على البشر قتلوا الكثير منهم، ودمروا الأرض وأبادوا خيراتها، ففي الحرب العالمية الثانية قتل خمسة وخمسون مليون إنسان، وهذه قضية فوق الطاقة، وفوق التخيل، ألا ترى أن المسلمين في كل حروبهم التي خاضوها عبر التاريخ لم يبلغ عدد الذين قتلوا من الكفرة في كل الفتوحات العظيمة التي سببت الخير للأرض إلا بضعة مئات من الألوف عبر كل العصور، فأكثر المعارك قتل فيها قرابة ثلاثين ألف كافر فيما فر الباقي واكتب بعد ذلك المواقع التي هي أقل من ذلك، بضعة مئات من الألوف لا أكثر، فلما سيطر الغرب قتل في خمس سنين فقط خمسة وخمسون مليون إنسان، ففي يوم واحد قتلوا مئات من الألوف في هيروشيما ونجازاكي، وكل هذا حتى يكون الملك للأمريكان، والعياذ بالله.
وقد كان يراد قبل هذا الملك لـ هتلر، ثم للأمريكان، والروس لما أرادوا أن يعملوا الثورة البلشفية قتلوا ملايين البشر في كل البلدان التي أخذوها الإسلامية منها والآسيوية والأوربية، سبحانك ربي! فهذا شقاء عجيب! وانظروا إلى اليهود اليوم فبسيطرتهم على العالم سببوا شقاءً لشعوب الأرض إلى حدٍ لا يتصور، هذا حتى تعلم أن ربنا عز وجل جعل محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، فيجب أن تتأمل آثار هذه الرحمة، وتستشعر اسم الله عز وجل الرحيم.
وتأمل أيضاً صفة الرحمة الخاصة بالخلق، فلا تكاد تذكر بجوار صفة الرحمن سبحانه، وما يعطي خلقه من رزق ومطر ونبات وغيرها من آثار اسمه الرحمن سبحانه وتعالى.
وكذا تأمل اسم الرحمن في ضوء قوله سبحانه:{الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}[الرحمن:١ - ٤] وفكر معي، فلو أننا لا نستطيع الكلام والتعبير عما بداخلنا فكيف سيكون حالنا؟ هل كنا سنعرف كيف نقضي مصالحنا؟ أبداً، وانظروا إلى مركز عيوب الكلام في المستشفى الجامعي حتى تعرفوا حجم الصدمة التي نزلت بالأمهات والآباء الذين أولادهم لا يستطيعون الكلام وكم يقاسون في سبيل ذلك بلاءً عظيماً، فلنوقن بأن آباءنا هم من علمونا الكلام، نعم فقد كانوا يتكلمون أمامنا لكن كل الناس البكم أيضاً أمهاتهم وآباؤهم يتكلمون أمامهم، لكننا الذين منّ علينا ربنا بالقدرة على الكلام، فهل نستطيع أن نغير {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}[الرحمن:٤]، من الرحمة العامة لكل الخلق إلى رحمة الله عز وجل الخاصة ببعض عباده بتعليم القرآن أو ما تيسر منه؟ لا؛ لأن انتشار القرآن رحمة للخلق جميعاً مؤمنهم وكافرهم، لذا قال الله تعالى:{الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ}[الرحمن:١ - ٢]، فاسم الرحمن دال على الرحمة العامة، واسم الرحيم دال على الرحمة الخاصة الدينية المتعلقة بالرحمة الأخروية، فكل ما يحصل للقلب جراء تدبره آثار الصفات، وما تقتضيه من الأحكام والعبوديات لكل صفة على الانفراد، ومجموعها قائمة بالذات الإلهية، يساعد على استغناء هذا القلب.