للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة من إطلاع الله إبراهيم على ملكوت السماوات والأرض]

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأنعام:٧٥] كما أراه الله ضلال أبيه وقومه إذ عبدوا الأصنام آلهة من دون الله، كذلك أراه الله ملكوت السماوات والأرض، وذلك أن الحق في قلب ابن آدم إنما يتضح بالبراءة من الباطل، وبحصول اليقين بفضل الله سبحانه وتعالى، فلابد من أن يتنظف ذلك القلب وأن يتطهر من أرجاس الجاهلية، فإذا رأى ضلال من يعبد غير الله كانت تلك الخطوة الأولى إلى اليقين، ثم يتدبر في ملكوت السماوات والأرض، والملكوت هو الملك، فيرى ملكاً عظيماً باهراً، يرى تدبير هذا الكون الواسع في أرضه وسماواته وفي أرزاقه وحياته ومماته، يرى كيف يحيي الله من يشاء ويميت من يشاء، كيف يدبر الله عز وجل أمر الشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب، كما أرشد الله عز وجل إلى هذه الآيات بأية طريقة؛ حتى نتدبر ونعلم أن القوة لله جميعاً، قال عز وجل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة:١٦٤ - ١٦٥] أي: من رأى ملكوت السماوات والأرض أيقن أن القوة لله جميعاً، فكم أودع الله عز وجل في هذه المخلوقات من أنواع القوى مما ليس بأيدي البشر!