[حكم من قاتل من المسلمين في صفوف الكفر ضد المسلمين]
السؤال
ذكر أهل العلم: إن المسلم الذي يقاتل في صفوف الكفار ضد المسلمين يعامل معاملة الكفار، فكيف يتفق هذا مع ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين بعدم مقاتلة نفر من المسلمين خرجوا مع كفار مكة لمقاتلة المسلمين؟
الجواب
إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمرهم بترك مقاتلتهم، وإنما أمرهم بترك قتلهم لعل الله أن ينجيهم من هذه المعركة، فيتوبون إلى الله عز وجل، فهم لم يكونوا يريدون حرب الإسلام ولكن ننظر فيمن قتل من هؤلاء، فإن بعضهم كان شباباً غير معروفين من الأنصار فقتلهم الأنصار؛ لأنهم وقفوا مع المشركين.
فقال بعض المسلمين: استغفروا لهؤلاء فإنهم كانوا سالمين، يعني: كانوا قد أسلموا، فأنزل الله في ذلك:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء:٩٧].
فدل ذلك على أنهم كفار، وكذلك لم يُعطِ النبي صلى الله عليه وسلم أحداً منهم دية، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم العباس أن يفدي نفسه وابن أخيه، الفضل بن أبي طالب ونوفل كذلك.
فلو أنه كان مسلماً لكان ماله حراماً، ولا يجوز أن يؤخذ منه مال، ولكنه استدل بذلك: على أنه يعامل معاملة الكفار؛ لأن ذلك كان هو الظاهر، ومثلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم قتلهم نصيحة، لعل الله أن يبقيهم فيتوبون إلى الله، كذلك حينما جاء ملك الجبال واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يطبق عليهم الأخشبين وقد كانوا يستحقون ذلك، ولو حدث ذلك لماتوا كفاراً، ولكن أبى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال:(بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من لا يشرك به شيئاً)، فطلب حياتهم لعل الله أن يتوب عنهم.