هذه الدروس المستفادة من قصة غزوة أحد يستفيد منها المؤمنون في كل زمن وفي كل مكان، فلا تكاد تقع محنة أو هزيمة إلا وتجد هذه الأمراض تظهر من المنافقين وممن عندهم بعض النفاق، وممن ضعف إيمانهم، وممن وقعوا في بعض المعاصي، حتى من أهل الإسلام والإيمان قد تجد عند نزول المحن والشدائد من لا يقوى شهوده للقدر، ومن لا يقع منه التفات إلى الأسباب الباطنة للهزيمة، وستجد من يقول: إنكم لم تسمعوا كلامنا، ولو سمعتم كلامنا لما جرى ما جرى.
ستجد هذه الأمراض موجودة ولكن بدرجات متفاوتة، فهناك من يكذب صراحة بالقدر، وهناك من يضعف شهوده للقدر، ويتعلق بالأسباب المادية دون الأسباب الباطنة التي هي أعمال القلوب، والتي أدت في الحقيقة إلى الهزيمة والانكسار، نسأل الله العافية.
سوف تجد هذه الأمور موجودة وقائمة في كل هزيمة تقع وتحصل، فلابد أن نستفيد من هذا الواقع، وما أشد حاجتنا في هذه الأوقات إلى الانتفاع بهذه الدروس التي كانت في غزوة أحد، وذلك أن شهود القدر في هذا الموضع مع شهود الأسباب الباطنة أو الأسباب التي هي متعلقة بالأعمال من كونها طاعات ومعاصي من أهم ما يلزمنا في هذا المقام، وتعظيم هذا الشهود حتى يمتلئ قلب الإنسان إيماناً بأن الأمر كله لله، وهذا يدفعه إلى الاستعانة بالله، وكمال التوكل عليه، فإن كمال التوكل على الله، والاستعانة بالله عز وجل تحول كفة الميزان لصالح أهل الإيمان.
فالواقع المرير الذي تعيشه الأمة يؤلم كل من في قلبه شيء من الحياة، وحال المسلمين لن يستمر فلابد أن يتغير، ولن يتغير حتى نتغير تغيراً عميقاً.