هناك أنواع للشرك منتشرة في المحيط الذي يحيط بنا، ولا بد أن يحذر منه الكبار والصغار؛ لأنه إذا لم يدر ما الشرك فإنه يوشك أن يقع فيه والعياذ بالله، فلو قلت لهم: ما هو الشرك؟ لما وجدوا غير من يعبد الأصنام فقط، أما من يعتقد مثلاً شركاً في الربوبية بأن يعتقد أن غير الله يملك النفع والضر، والإحياء والإماتة، والشقاوة والسعادة، ويملك الرزق ونحو ذلك، من الأموات والمقبورين، أو من الجن، أو من الرؤساء والكبراء الذين يملكون الأمر كله، وربما وصل الكفر ببعضهم أن يقول مثلاً لمن يظن أنه قد ملك عليه أمره: ادع الله وانظر هل ينفعك أم لا؟ أو اجعل الدعاء ينفعك، أو نحو ذلك مما يكفر به الكثيرون؛ لأنهم يتصورون أن الكبير والقوي وذا السلطان والمال يقول لك: هذه الفلوس تشتري كل حاجة، وهذه الكلمة قد توصل في النهاية إلى الكفر والعياذ بالله، وإني لأعلم رجلاً كان فيما مضى يتاجر بالكتب الإسلامية، وهو يقع في نوع من أنواع الكفر، ففي مسألة الغنى بالمال فالله عز وجل أعطاه مالاً وهو يقول: أنا بمالي استطعت أن أرزق نفسي، والمال هذا أنا أشتري به كل شيء، وربنا لا يعطيني منه شيئاً، فهذا كلام كفري فظيع والعياذ بالله، وأنواع ذلك كثيرة في مسألة الشرك بالربوبية.
كذلك شرك من يعتقد أنه حر مع أوامر الله، مع أن من معاني الربوبية: أن الرب هو المالك والعبد مملوك، فمن إذا قيل له مثلاً: أقم الصلاة، آت الزكاة، اترك الزنا، فيقول: أنا حر، فكلمة أنا حر تقولها مع العبد مثلك، أما أن تقول: أنا حر مع أوامر الله عز وجل فهذا من الكفر بالربوبية والعياذ بالله؛ لأنك لست حراً مع أوامر الله عز وجل.
وهذه هي القضية الأساسية التي يُنادى بها في العالم، وهي قضية الحرية بما فيها حرية الكفر والسب والطعن في دين الله عز وجل، وكثير من الناس عندما يتكلم عن أي شيء تجدهم يقولون: أول شيء أننا لا نتعرض لقضية الحرية؛ لأن قضية الحرية مقدسة عندهم، فأي رجل هو حر عندهم يفعل ما يشاء، ويعتقد ما يريد، ويكفر بما يشتهي، ولذلك كثير جداً من الناس يقع في هذا الضلال والكفر والعياذ بالله، مع أن هذا الشرك هو شرك إبليس، فهو لم يقل: رب ما أمرتني، بل قال: لا أسجد، وهذا يقول لك: أنا لا يلزمني كلام ربنا، أو كلام النبي عليه الصلاة والسلام، فربنا يعاقب بما يشاء، ونحن نأخذ منه الذي نريده، ونترك الذي نريده والعياذ بالله.