للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوقعات الجوية تحتمل الصدق والكذب]

إن حكم التنبؤات الجوية أي: التوقعات الجوية، والأنسب أن تسمى توقعات؛ لأنها مجرد ظنون، وأهل العلم بها يقولون ذلك، فالذين يعرفون حقيقة الأمر لا يجزمون، ولا يجزم بذلك إلا ضال جاهل، بل كما قال القرطبي: إن من جزم أن المطر ينزل غداً فقد كفر والعياذ بالله؛ لأن ذلك لا يعلمه إلا الله، وإنما أجرى الله سنناً نتوقع حصولها، ولكن كثيراً ما تخيب الظنون في أشياء كثيرة من ذلك، ونحن نعلم أن سنن الله الكونية الغالب فيها أن المطر ينزل في الشتاء، وأنه قد يكون في وقتٍ ما ريح فيها مطر، ولكن لا على سبيل الجزم والتحديد فإنه لا يعلم ذلك إلا الله، وقد يقولون: نحن بالأمطار الصناعية ننزل المطر، وهذا جهل عظيم يخدعون به الناس، كطريقتهم دائماً في التهويل والتضليل، فالأمطار الصناعية لا تغيث الناس، بل مثلها كمثل رجل صعد فوق سطح عمارة عالية والناس أسفل يحتاجون إلى قطرات من الماء فرش عليهم بعض القطرات، أفيقول هذا: قد أنزلت المطر؟ لا يمكن أن يقول ذلك، فما هذا إلا مجرد لاعب يريد أن يخدعهم إذا ظنوا أن هذا مطر، وإلا فما يفعله هؤلاء الكفرة المتمكنون فيما يظنون من توقعات في الأرض، وقد أخذت أرضهم زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها، فماذا هم صانعون إذا أتاهم إعصار مدمر؟ وماذا يصنعون إذا أصابهم القحط حتى جعل زروعهم وثمارهم تضمحل؟

الجواب

يظلون منتظرين، وأنا رأيت بعيني حالهم في يوم من الأيام في مطاراتهم وشوارعهم عندما أتت عاصفة ثلجية، كل شيء قد توقف، وهم يقولون: إلى أن تتوقف العاصفة الثلجية، يقولون ذلك والبنزين يتجمد في السيارات، والمطارات تمتلئ بأمطار من الثلوج، والطائرات تتوقف، والسيارات تتوقف، وكل شيء يتوقف، فهم لا يستطيعون أن يواجهوا هذه العاصفة الثلجية بشيء، نتصل بالمطار فنقول: متى ستنطلق الطائرة؟ فيقولون: عندما يتوقف الثلج، بعد ساعتين أو عشر ساعات؛ لأنه لم يتضح في الموضوع شيء، فمن يقول: إنه يستطيع الجزم فهو يخدع الناس، وإنما لأهل العلم الحقيقي في هذه المسألة أن يقولوا: نحن جهلة في هذا الباب، فهذا مجرد توقع؛ ولذلك فالتوقعات الجوية إنما تذكر على سبيل الظن الذي يمكن أن يبنى عليه عمل إذا غلب، كأن نقول للصيادين مثلاً: يبدو أن الريح سوف تكون عاتية غداً فاحذروا أن تتوغلوا في البحر، أو أن هذا الإعصار ربما اتجه يميناً واتجه شمالاً فاحذروا ولا تخرجوا من بيوتكم أيها الناس! فمثل هذا يصح أن يبنى عليه عمل مع الجزم واليقين بأن هذا مجرد ظن، وأننا لا نعلم متى ينزل المطر الذي يغيث الناس، قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} [لقمان:٣٤].