إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فقد جعل الله عز وجل إبراهيم عليه السلام إماماً للناس في مقامات متعددة: في مقام الإخلاص لله عز وجل، والتوحيد والبراءة من الشرك، والدعوة إلى الله، والتضحية والبذل في سبيل الله عز وجل، والصبر والاحتساب، فهذه مقامات وغيرها كثير من أجلها وصف الله عز وجل إبراهيم بأنه وفى، فقال:{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:٣٧]، وقال عز وجل:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}[البقرة:١٢٤]، فقد أتم ما أمره الله عز وجل به في كل ما تكلم به سبحانه.
ومن أهم هذه المقامات التي ينبغي أن نتوقف عندها كثيراً لنأخذ منها نوراً على طريقنا، ولنأخذ منها العبر والعظات: مقام الدعوة إلى الله عز وجل، وهو مقام يتضمن عبوديات مختلفة، منها: الغضب لله سبحانه وتعالى، والصبر على ما يصيب الإنسان في سبيل الله، والتوكل التام، والتضحية بالنفس والمال والوطن والأهل والعلاقات الاجتماعية في سبيل إعلاء كلمة الله، وحسن الظن بالله، واليقين بوعده، والثقة به سبحانه وتعالى.