الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد: فقد قضى الله سبحانه وتعالى بعدله وحكمته بوجود العداوة بين أولياء الرحمن بني الإنسان وأولياء الشيطان، فأولياء الرحمن من بني آدم عليه السلام هم الذين اتبعوه على معرفة الله وتوحيده ومحبته، والتوبة والإنابة إليه سبحانه وتعالى، والاعتراف بالذنب، والرجوع إلى أمره عز وجل، والاستغفار.
وأولياء الشيطان، وإن كان بعضهم أو كثير منهم ممن انتسبوا إلى آدم، إلا أنهم والوا عدوهم إبليس اللعين، وساروا على طريقته في الإباء والاستكبار والكفر والعناد، والعياذ بالله، فصارت هذه العداوة مستمرة تجري حلقاتها جيلاً بعد جيل على ظهر هذه الأرض.
والله سبحانه وتعالى قد بين لنا حقيقة هذا الصراع منذ أمر آدم بالهبوط إلى الأرض هو وإبليس، فقال سبحانه وتعالى:{قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}[الأعراف:٢٤]، فهذه العداوة لابد من أن نعرف قواعدها وموازينها؛ لنختار لأنفسنا الفريق الذي ننتمي إليه، حتى لا يخدعنا مخادع عن حقيقة الصراع الذي يجري على وجه هذه الأرض، مما يخدع الشيطان به أولياءه فيظنون أن الصراع ينبغي أن يكون على الملك أو على المال أو على الشهوات أو على الطعام والشراب، فكثير من الناس إنما يصارع من أجل ذلك، فيقع في الفخ الذي نصبه الشيطان، فيكون من جنده، والشيطان وإن أوقع العداوة بينهم إلا أنه لا يرضى لبني آدم إلا الخسران في الدنيا والآخرة، والعياذ بالله.