هذا البلاء العظيم الذي ينزل إنما هو مزيد من المصائب على أمة الإسلام، لذلك نقول: لا بد من ترك الآية بينة: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ}[هود:١٢١].
إذاً: عندما نعمل كل ما في إمكاننا، فنريد أن تكون الطاقة الموجودة لدى شباب المسلمين ورجالهم ونسائهم طاقة متجهة للتغيير الحقيقي لواقعنا؛ حتى يغير الله عز وجل علينا، {إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد:١١].
فلن يكون هناك انفجار غير محسوب، وأضرب لذلك مثلاً: لو أن حلة فيها بخار، وفيها ماء، والغطاء مقفول عليها بإحكام، وأشعل عليها النار إلى أن رفع البخار الغطاء، فوقع على يد الرجل الذي أشعل عليها، فهذا انفجار غير محسوب، وغير مطلوب، لكن الآلة البخارية فيها منفذ لخروج البخار وتوجيهه باتجاه معين، من أجل أن يحرك العجلة، وتتقدم هذه القاطرة، وهذا هو المطلوب، فالطاقة هذه ماذا نعمل بها؟ نحن نعلم أنه يوجد كرب شديد بسبب ما يقع بالمسلمين في المشارق والمغارب، لكن نحن لم نفكر لماذا يحصل لهم هذا؟ حصل بهم هذا بسبب تقصير طويل المدى، وبسبب بعد طويل عن الإسلام، وكثرة الخبث، كما في الحديث:(أنهلك وفينا الصالحون يا رسول الله؟! قال: نعم، إذا كثر الخبث) طبيعة الدعوة إلى الله، وطبيعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مثلما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقاب)، وقال عليه الصلاة والسلام:(إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً، لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم) ومعنى: تبايعتم بالعينة أي: بالربا، وإن سمي بغير اسمه، ففيه تحايل على الربا، أما اليوم فهو رباً لا يختلف فيه اثنان من أهل العلم، وإن سماه جهلاء السوء بغير اسمه لكي يضلوا الناس عن ذلك.
إن أموال المسلمين في أيدي أعدائهم من البنوك الشرقية والغربية -والغربية كلها بنوك تابعة لليهود في النهاية- مصادر دخل المسلمين وادخارهم كلها في أيديهم، نسأل الله العافية.
التبايع بالعينة هو نوع من التحايل على الربا، كمن يبيع حاجة بالتقسيط، ويشتريها البائع من المشتري مرة أخرى نقداً بساعتها، حتى لو وجد ثالث لكي يحرك البضاعة فهو مثلهما على الراجح من أقوال العلماء؛ لأن التبايع بالعينة غرضه المال، لكن لا يجد من يسلفه، فيأخذ السلعة التي يشتريها بالتقسيط بمائة وعشرين، ثم يبيعها لآخر بمائة، فهو أخذ بمائة وباع بمائة وعشرين، وهذا ربا في الحقيقة، ولكن الغرض المقصود أنه سماها بيعاً لكنه محرم، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا تبايعتم بالعينة.
قوله:(ورضيتم بالزرع) الزرع مع أنه من أشرف المهن كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما من مؤمن يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة)، ومع ذلك فالتبايع بالعينة، والرضا بالزرع، أي: الرضا بالدنيا والاكتفاء بها، وبهذه المكاسب، والرضا بالتجارة والأموال التي نخشى كسادها، حتى تكون هي أكبر الهم ومبلغ العلم -نعوذ بالله من ذلك- عندما تصبح الدنيا هي كل ما نريد، فسيسلط الله علينا ذلاً لا ينزعه حتى نرجع لديننا.