والله سبحانه وتعالى حين يخبرنا أن حقيقة الحياة التكاثر بينكم:{وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}[الحديد:٢٠]، يرشدنا إلى ما ينبغي أن نعاملها به من التحقير، وعدم الاهتمام، والتضحية بها، وعدم الانشغال بها كمثل مطر أدى إلى إنبات الأرض، قال تعالى:{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}[الحديد:٢٠]، أي: أعجب الزراع نباته، فوصفهم في هذا الموضع بالكفار للمشابهة بينهم وبين من تعجبه الدنيا، فمن تعجبه الدنيا وينشغل بها هم الكفار الذين لم يشكروا نعمة الله عز وجل بالإيمان، وإن كان في المثل المضروب: الكفار هم الزراع، لكن ما يراد به المثل هم الكفار الذين كفروا ولم يشكروا نعمة الله عز وجل عليهم بالإيمان وبتوحيده عز وجل وببعثة رسله، فأشركوا بالله عز وجل، وكفروا برسله قال:{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}[الحديد:٢٠].
فهكذا الدنيا مثالها واضح، وإن كانت تأخذ في عمر الزرع أشهراً، وفي عمرنا نحن تأخذ سنوات طالت أو قصرت، ولكن في نهاية الأمر لابد من أن يكون الإنسان حطاماً، ويكون ما جمعه حطاماً، قال تعالى:{وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ}[الحديد:٢٠]، فهذا الذي يجب أن يعمل له المؤمن أن يفر من العذاب، ويطلب المغفرة والرضوان، قال تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور}[الحديد:٢٠]، أي: المتاع الذي يغر ويخدع، فلا تنخدعوا به.