الحب في الله والبغض فيه يكون بأن يبغض الإنسان أعداء الله عز وجل، لا يبغضهم إلا لأجل الله سبحانه، لأعمالهم القبيحة وصفاتهم المنكرة، لشركهم وكفرهم ونفاقهم، هذا الذي يجد الإنسان به الإيمان، فيتثبت في قلبه.
إذا وجدت هذه الصفة في المجتمع المسلم فيما بيننا؛ فإن ذلك من النعيم الذي يجده الإنسان كجزء مشابه من نعيم أهل الجنة، فإن رفقة الصالحين وحبهم في الله من نعيم أهل الجنة الذي ينعم به الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، قال عز وجل:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:٦٩]، ولو لم يكن لهذه الصفة المنزلة العظيمة لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته:(اللهم مع الرفيق الأعلى)، انظر ماذا يريد النبي صلى الله عليه وسلم؟ يريد الرفيق الأعلى.
خليل الله إبراهيم يقول:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[الشعراء:٨٣]، ولا شك أن الصالحين دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ودون إبراهيم في المنزلة، ومع ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم يطلب هذه الرفقة، وإبراهيم يطلب هذا اللحاق، فكيف بالمفضول واحتياجه وسعادته برفقة الفاضل؟! إذا كان الفاضل أمر بأن يصبر نفسه مع من يدعو الله بالغداة والعشي، يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف:٢٨].
وإذا كان الفاضل مأموراً بأن يرافق المفضول، فأي نصيب للمفضول إذاً من صحبة الفاضل ومرافقته، ومن الشعور بالسعادة لوجود المحبة في الله سبحانه وتعالى فيما بينه وبينهم؟! واستشعر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحب عبر الزمان، وهو والله من أعظم ما تتحرك له قلوب المؤمنين، يقول عليه الصلاة والسلام:(وددت أن لو قد رأينا إخواننا، فقالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد)، فالنبي صلى الله عليه وسلم ود أن يرى كل مسلم من أمته عليه الصلاة والسلام، اللهم اجعلنا من إخوان النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: كان يستشعر الحب في الله وليس فقط لأصحابه الذين كانوا معه، بل عبر الزمان، ومع تفاوت الأزمنة يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً لهم أن يراهم، فما ينبغي أن نكون نحن عليه من مودة: هو أن نرى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نكون معه.
وهذا الحب في الله: هو الأساس الذي بني عليه المجتمع المسلم.