للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة إبراهيم لأبيه]

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام:٧٤] وهذا فيه بيان أن آزر هو أبو إبراهيم، وليس كما يقول من ينقل عن أهل الكتاب: إنه عمه؛ فراراً من أن يقال: إن أبا إبراهيم مات كافراً، وهذا كلام باطل مخالف لنصوص الكتاب والسنة؛ فإن النسب لا ينفع إذا لم يكن هناك إيمان ولم يكن هناك طاعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه) وإنما يغالي في أمر الأنساب من لا يفقه حقيقة النسبة التي جعلها الله عز وجل بين عباده المؤمنين، وهي نسبة الدين، فهي أغلى وأعلى قدراً من أمر النسب، ولذلك يتكلمون كثيراً في أقارب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا احتج عليهم بأن أبا إبراهيم بنص القرآن مات كافراً، قالوا: كان هذا عمه، وليس ذلك بصحيح إنما هو أبوه، كما قال الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً} [الأنعام:٧٤]، وهذا الاستفهام للإنكار عليه وعلى قومه، {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنعام:٧٤] أي: ضلال بين، إن الأدب مع الوالد وغيره لا يعني كتمان الحق، ولا يعني تلبيس الحق بالباطل، ولا وصف الباطل بأنه حق أو الضلال بأنه هدى، بل الأدب أمر يستعمل في الألفاظ وطريقة الحوار، لكن لا يعني ذلك أن تنقلب الحقائق، ولا أن يجامل على حساب الدين، ولا أن يداهن في قضية الاعتقادات والأعمال والمبادئ التي بعث بها الأنبياء.