أما الولاء المحرم فهو حب الكافرين على كفرهم، أو من أجل كفرهم، كأن يقول: إن كفرهم لا يضر، أو أمر دينهم لا يعنيني واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
فمن يرى أن اختلاف الدين وأن عبادة غير الله سبحانه وتعالى لا تفسد للود قضية، أهذا يمكن أن يكون محباً لله عز وجل؟! أهذا يمكن أن يكون قد آمن بقول الله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}[المائدة:٥١ - ٥٢]؟! إن العذر الذي يتعللون به أنهم يخشون الدائرة؛ يخشون أن تنزل هزيمة بالمسلمين، فتراهم يصانعون المشركين والكافرين من اليهود والنصارى، وهكذا كان يفعل المنافقون:((يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ))، قال الله عز وجل:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ}[المائدة:٥٢ - ٥٣].
إن هذا أمر عجيب يتعجب منه المؤمنون، يقولون: أيمكن أن يكون هؤلاء منكم وهم في نفس الوقت يسارعون في اليهود والنصارى؟! قال عز وجل:{حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة:٥٣]، فموالاة الكفار موجبة لحبوط العمل وموجبة للخسران في الدنيا والآخرة، وجالبة للردة، قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:٥٤ - ٥٦].
إن شروط العضوية في حزب الله هي كالآتي: أن يكون الإنسان مؤمناً، مقيماً للصلاة، مؤدياً للزكاة، يركع ويخضع لله عز وجل، لا ينحني لسواه.
أرأيتم حزباً من أحزاب أهل الأرض اليوم يشترط في شروط عضويته تلك الشروط؟! بل يحرم عند القوم أن يقوم الحزب على أساس من الدين.
إذاً: لا بد أن يقوم حزب الله على الدين؛ حتى ينال النصر والتمكين والغلبة، قال الله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:٥٦] وإن ظن الناس أنهم قلة، وأنهم أذلة، وأنهم مهزومون الآن، لكن عاقبة الأمر لهم.
ومن الولاء المحرم: محبة الكافرين لأنهم فصلوا الدين عن الحياة، كم من يقول: إنهم إنما تقدموا عندما أخروا الدين وتركوا هذه الخزعبلات، أو يحبهم لأنهم حاربوا الدين، كمن يحب ماركس ولينين مثلاً من الشيوعيين الذين يعتقدون أن الدين أفيون الشعوب، لا أنهم لم يطبقوا الدين في نظم الحياة، وأنهم جعلوا الدين مسألة شخصية، فهو يرى أن الفصل بين الدين والحياة هو المطلوب، وأن ذلك هو الواجب، وكمن يحب من يمنع من إقامة الحدود وغيرها بزعم أنها وحشية وتخلف ورجعية، فهذا لا يحبهم رغم كفرهم، بل يحبهم من أجل كفرهم، وهذا أشد والعياذ بالله ممن يحبهم رغم كفرهم.
بل قد تجد أناساً كثيرين يحبون الكفرة لأنهم يؤذون المسلمين ويحاربونهم، فهذا شر أنواع الكفر.