والمرتبة الثانية: مرتبة الكتابة، فقد كتب الله مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وتبعتها كتابات، فمنها: الكتابة والتقدير قبل خلق آدم عليه السلام، بأن يكون آدم وذريته في الأرض، وقد كتب الله التوراة قبل خلق آدم بأربعين سنة، وكتب فيها:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه:١٢١ - ١٢٢].
وكذلك: الكتابة يوم القبضتين والتقدير يوم القبضتين: يوم أخذ الله عز وجل من ظهر آدم ذريته بيمينه وقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وقبض قبضة بشماله وقال: هؤلاء في النار ولا أبالي، وأخذ عليهم جميعاً العهد والميثاق ألا يشركوا به شيئاً.
وتبعت هذه الكتابات كتابات أخرى، فمنها: الكتابة والإنسان جنين في بطن أمه، وذلك عندما يكون الإنسان في بطن أمه أربعين يوماً أو ثنتين وأربعين ليلة، وكذا عندما ينفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين يوماً، فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أم سعيد، ومنها: الكتابة السنوية في ليلة القدر، ففيها يفرق كل أمر حكيم، وكذلك: الكتابة اليومية، فكل يوم هو في شأن، وكذلك: الكتابة التي سمعها الرسول صلى الله عليه وسلم في المعراج حين صعد إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام، فهناك كتابات متعددة فالله عز وجل لم يزل فعالاً لما يريد، وكل يوم هو في شأن، يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويعز ذليلاً، ويجبر كسيراً، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويفعل ما يشاء.