كان إبراهيم عليه السلام صديقاً عظيم التصديق، وكان نبياً، وكذلك كان رسولاً إلى قومه، وبدأ عليه السلام دعوته بدعوة أبيه، كما قال عز وجل:{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا}[مريم:٤٢].
وهكذا ينبغي أن يبدأ الداعي بعشيرته الأقربين، كما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم:{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤] يعني: رهطك منهم المخلصين.
فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته قومه، ودعا أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فآمن به من آمن، ورد دعوته من رد، وهكذا ينبغي على كل أحد أن يكون تأثيره أو دعوته أولاً لأهل بيته، والمقربين إليه من أقاربه وجيرانه وزملائه، وهذا أمر عظيم الأهمية، فليست القضية برسوم معينة لا نستطيع الدعوة إلا من خلالها، أو أشكال معينة لا تقوم الدعوة إلا بها، إنما الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى تكون بالقول، والعمل، والسلوك، وفي مخالطة الإنسان لمن حوله، ولو كان الإنسان صادقاً فإن الله عز وجل لا يجعل عمله هباءً منثوراً، خصوصاً في أقاربه وأهل بيته ومن يخالطه، فإن الله يضع للمؤمن القبول في الأرض، ولا نعني بذلك أنه لا بد أن يهتدي كل من تدعوهم من أهل بيتك، ولكن لا بد أن تبذل معهم الجهد الكبير مقدماً إياهم على غيرهم، لا أن تتركهم فريسة للشياطين التي تريد أن تفتك بهم.
وهكذا كان أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يدعون أهل بيوتهم، وهكذا كان الدعاة إلى الله عز وجل يهتمون دائماً بالمقربين منهم، ولا يعني ذلك أن تترك دعوة الأباعد والغرباء، ولكن ابدأ بأهل بيتك، واسع في إصلاح أسرتك:(فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فتدعو الكبير والصغير، وتدعو آباءك وأجدادك، وتدعو أبناءك وأحفادك، وتدعو إخوانك وأقاربك، وتدعو كل من حولك إلى الله سبحانه وتعالى.