إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:١٠٢].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الحمد الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، الحمد لله صادق الوعد لا يخلف الميعاد، قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة:٣٣].
الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين في هذه الدنيا بالنصر والتمكين، ووعدهم في الآخرة بالرضوان والجنان بفضله، فهو الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى.
قد يبدو للناظر المتأمل في أحوال أهل الأرض عندما يرى تسلط أعداء الله سبحانه وتعالى عليهم، قد يبدو له تأخر وعد الله عز وجل، ولكن المؤمن دائماً يرى ما أراه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وما أراه الله عز وجل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من أنه صادق الوعد سبحانه وتعالى، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه الجامع:(أنت الحق ووعدك الحق) ولا بد أن يشهد المؤمن هذا المعنى {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[يونس:٥٥] يشهده كما أشهده الله سبحانه وتعالى لأم موسى حين رده إليها كي تقر عينها ولا تحزن، قال الله تعالى:{وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[القصص:١٣].
فالله سبحانه وتعالى وعده في الدنيا ووعده في الآخرة حق لا يخلف كما قال سبحانه وتعالى فيما وعد به المؤمنين:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور:٥٥].