قال تعالى:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[الحديد:٢٣]، الاختيال: هو الفخر، وهو من أعظم الأمراض التي تحصل للإنسان بسبب حصول شيء من الدنيا، فيفتخر على غيره ويختال، فينسب الخير لنفسه، ويتكبر به على من حوله، ثم هو لنظرته المعظمة للدنيا يبخل بها، ولكونه يشعر أنه هو الذي أتى بها يقول: جهدي ومالي كيف أعطيه لغيري؟! فهو يبخل، ولكي لا يذمه الناس في البخل وحده ويقال عنه بخيل يأمر الناس بالبخل؛ ليكون الناس كلهم كذلك، قال تعالى:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}[النساء:٣٧].
فتأمل كيف انتظمت عقيدة القدر والإيمان بالله ورسله علاج كل هذه الأمراض القلبية المشقية للإنسان في دنياه وأخراه:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[الحديد:٢٣]، {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}[النساء:٣٧].
فهذه ستة أمراض: مرض الأسى والحزن على الدنيا، ومرض الإعجاب بالنفس والثناء عليها، ومرض الاختيال، ومرض الفخر، ومرض البخل، ومرض أمر الناس بالبخل والعياذ بالله، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[الحديد:٢٤]، فهو سبحانه وتعالى الغني الحميد، فله الغنى التام وعباده كلهم فقراء إليه، وله الحمد التام سبحانه وتعالى لا يحصي الخلق ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، فهذا الإيمان بأسماء الله وصفاته هو الذي يريح الإنسان أعظم راحة، وإذا تحقق هذا الإيمان في قلبه بمعرفة معاني أسماء الله وصفاته، والتعبد له عز وجل بها؛ اكتمل إيمانه بإذن الله، فجميع أركان الإيمان نابعة من معرفة الله والإيمان به، ومحبته عز وجل بمقتضى أسمائه وصفاته.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الإيمان، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر اليهود والنصارى والمنافقين، وسائر الكفرة والملحدين أصحاب الضلالة وبضاعة السوء.
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين! اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في فلسطين وفي الشيشان، اللهم احفظ المسجد الأقصى ورده إلى المسلمين.
اللهم انصر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، وانصرنا على عدوك وعدونا.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط بذنوبنا من لا يرحمنا ربنا اغفر لنا ذنوبنا.