إن الله عز وجل يمكن لرسله بما شاء، وقد جمع الله لهذه الأمة أنواع التمكين كلها، فقد مكن لرسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا الدين في المدينة بالقرآن، وفي اليمن، وفي البحرين، وفي بقاع عديدة، ومكن الله بعد ذلك بأزمنة طويلة في أكبر بلاد الإسلام، فأندونيسيا ما دخلها الإسلام بالحرب والقتال، وإنما دخلها الإسلام بالسلوك الطيب والدعوة إلى الله عز وجل، وهناك تمكين بالسنان والقوة كما فتح الله مكة على نبيه صلى الله عليه وسلم، وفتح على أصحابه رضي الله عنهم مصر، والشام، وفلسطين، والعراق، وبلاد ما وراء النهر، والمشارق والمغارب، وبلاد إفريقيا كلها إلى الأندلس فتحت بفضل الله عز وجل، وغلب المسلمون أضعافهم المضاعفة من الكفار في مواقع شريفة عظيمة جعلها الله سبحانه وتعالى آيات ومكن لعباده المؤمنين بذلك، ودخل الإسلام هذه البلاد، وما استطاع الكفار أن يقتلعوه منها إلى يومنا هذا، ومهما فعلوا فلن يضيع الإسلام بفضل الله سبحانه وتعالى، فهذه أمة لا تموت ودين لا ينهزم: فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى تقوم الساعة)، وقال:(حتى يقاتل آخرهم الدجال).
وقال:(لا تزال عصابة من أمتي تقاتل عن هذا الدين لا يضرهم من خالفهم وخذلهم)، وقال:(لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم وخذلهم).
وفي رواية:(ولو اجتمع عليهم من بأقطارها)، فعندما تجتمع كل القوى على الإسلام وأهله فذلك لن يغير من الأمر الذي قضاه الله عز وجل في التمكين لدينه بما شاء.
وقد مكن الله سبحانه وتعالى لرسله بآيات من عنده، كما أغرق فرعون بآية من عنده، ودمر قوم نوح بالطوفان، ودمر عاداً بالريح، ودمر ثمود بالصيحة، ودمر قوم لوط بأن جعل أرضهم عاليها سافلها، وجعل الله عز وجل تأييده لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنواع من القدرة والقوة عجيبة، وهو القائل صلى الله عليه وسلم:(نصرت بالرعب مسيرة شهر).
فيلقي الله في قلوب الأعداء الرعب بقدر عداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ}[آل عمران:١٥١].