ثم قال تعالى عنهم:((وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا))، فالصبر واجب الوقت، وهذه عبادات لا ينفك عنها المؤمن، وهذا هو الواجب، كما قال موسى لقومه، ((اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا))، وبهذا تنال الإمامة في الدين، لا بالعواطف غير المنضبطة، ولا بحسابات عقول قاصرة ضعيفة تدرك الأسباب المادية، ودون أن تطلب النصر من الإله الذي يمن به على من يشاء، ويفتح به أبواب الخير للناس.
وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، كما قال عز وجل:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[السجدة:٢٤]، فلابد من اليقين الذي هو ثمرة التوكل على الله عز وجل، وثمرة الإيمان الصادق، بأن وعد الله عز وجل لا يخلف، كما قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[النور:٥٥].
والأذى لابد أن يجده من يسير في طريق الدعوة إلى الله سبحانه، فلا من الصبر، ولا يجوز أن ينفك الداعية عن الصبر والثبات في أي حال من الأحوال.
قال تعالى:((وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ))، وهذا تأكيد على أهمية الجمع بين الصبر والتوكل على الله، وسوف يكون من ذلك أوسع الفرج بفضله عز وجل.