[وروى البيهقي في دلائل النبوة من حديث عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر قال:(انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وبقي معه أحد عشر رجلاً من الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد الجبل، فلحقهم المشركون، فقال: ألا أحد لهؤلاء؟ فقال طلحة أنا يا رسول الله، فقال: كما أنت يا طلحة -يعني: انتظر- فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتل عنه وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي معه، ثم قتل الأنصاري فلحقوه، فقال: ألا رجل لهؤلاء؟ فقال طلحة مثل قوله -قال طلحة: أنا رسول الله! وكان طلحة مستعداً من أول الأمر- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله -أي قال كما أنت يا طلحة - فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله! فقاتل عنه وأصحابه يصعدون ثم قتل فلحقوه، فلم يزل يقول مثل قوله الأول فيقول طلحة: فأنا يا رسول الله! فيحبسه، فيستأذنه رجل من الأنصار للقتال فيأذن له، فيقاتل مثل من كان قبله حتى لم يبق معه إلا طلحة، فغشوهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لهؤلاء؟ فقال طلحة: أنا، فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله)].
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعده للساعة الشديدة رضي الله عنه، فقد قاتل قتال أحد عشر رجلاً من الأنصار، وهو الذي ردهم رضي الله عنه.
[وأصيبت أنامله فقال: حس حس -صوت التألم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لو قلت: باسم الله وذكرت اسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك، حتى تلج بك في جو السماء)].
وهنا تتجلى أهمية التربية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه وهو في شدة المعمعة أن يقول: باسم الله، وهذا دليل على أنه ليس هناك شيء يشغل عن ذكر ربنا، فإن القتال كان هائلاً جداً، والناس يقتلون بين أيديهم، وهو يقاتل قتال الأحد عشر رجلاً رضي الله عنه، فعندما قال: حس، وهي مثل قولنا: أي، متألماً من الجرح فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له:(لو قلت: باسم الله لرفعتك الملائكة).
قال:[ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم مجتمعون].
فالذي رد المشركين هو طلحة رضي الله تعالى عنه.
قال: [وقد روى البخاري عن قيس بن أبي حازم قال: (رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم) يعني: يوم أحد].
شلت يده رضي الله عنه؛ لأنه دافع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووقى بها النبي ضربة ليس لها واق إلا يد طلحة رضي الله عنه.
والإنسان عنده رد فعل في الجسم البشري طبيعي وهو أنه عندما يأتي عليه شيء مؤلم يبتعد عنه، وهذه كرامة عظيمة لـ طلحة، ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي: أن السيف يراد به ضرب النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما تأتي الضربة لشخص يرفع يده تلقائياً رغماً عنه من غير شعور في حينه، فهو من غير شعور حرك يده ناحية النبي صلى الله عليه وسلم ليقي بها النبي صلى الله عليه وسلم فشلت يده رضي الله تعالى عنه من جراء الضربة.