قال تعالى:{فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[آل عمران:١٣٧].
أي: تأمل؛ لتعرف مآل المكذبين، ففي زماننا تأمل في حال الذين يكذبون كتاب الله، والذين يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين يسعون في الأرض فساداً:{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ}[الأعراف:٤٥]، فسوف ترى أمراً عظيم الأهمية.
فـ هرقل رغم كفره كان يعرف من سنن الله عز وجل ما ذكره لـ أبي سفيان حين سأله هل حاربتموه؟ قال: نعم، قال: فكيف الحرب بينه وبينكم؟ قال: سجال، يدال علينا مرة، وندال عليه مرة، قال بعد أن سأله أسئلة أخرى وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة، فسنة الله ماضية، وأهل الإيمان سائرون على نهج الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ولذلك السنن ماضية متكررة، ليس في وجود الأنبياء فقط، بل في كل صراع يوجد بين أهل الإيمان وأهل الكفر، بين ما جاءت به الرسل وأوليائهم من جانب، وبين التكذيب والمخالفة والإباء والرد والصد عن سبيل الله من أعداء رسله من جانب آخر، أتظنون أن أبا جهل وأبا لهب هما أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم فقط؟ أو أن فرعون هو عدو موسى فقط؟ ليسوا هم الأعداء فقط، بل كل من يعادي ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعادي ما جاء به موسى وعيسى، ويعادي ما جاء به إبراهيم، ونوح، وهود، وصالح من التوحيد، والإيمان بالله واليوم الآخر، والإيمان بالكتب، والرسل، والقدر، وكلما جاءت به الرسل من التزام شرع الله عز وجل، فهم أعداء محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أعداء موسى وعيسى وإبراهيم، وهم والله! كثيرون، بل هم أكثر أهل الأرض، بل هم أهل الأرض إلا من رحم الله، نسأل الله العافية.
فالعداوة والتكذيب لرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين تكون بالإباء والرفض لما جاءوا به، وهو أمر لم يزل مستمراً قائماً إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها، وإلى أن يأذن سبحانه وتعالى بهلاك الكفر وأهله من الأرض كلها.