من أنكر البعث والجمع بين الخلائق لينال كل عامل جزاء عمله، لينتصر للمظلوم من الظالم، وليثاب المؤمن ويعذب العاصي المكذب للرسل، فإنه منكر لحكمة الله، ولعدله ورحمته، وذلك يعود إلى التكذيب بالله سبحانه وتعالى، فدل ذلك على أن الإيمان أشمل مما يظنه كثير من الناس حين يقولون: نحن آمنا بالله، ولذلك كان كل من أقر بوجود الله مؤمناً عندهم، فيصفون أهل الملل المخالفة لملة الإسلام بالإيمان، ويقولون: هم مؤمنون وليسوا بكافرين.
نعوذ بالله من ذلك! ومن ادعى أن أحداً من الخلق له أن يخالف ملة الإسلام التي بعث بها النبي عليه الصلاة والسلام، ويكون مع ذلك مقبولاً عند الله مؤمناً يدخل الجنان، فقد كذب القرآن وكفر بالله العظيم، وبرسله جميعاً عليهم الصلاة والسلام، وذلك لأن الله عز وجل قال:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}[آل عمران:١٩].
فمن كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون مؤمناً، وأما إقراره بوجود الله فهو إيمان قد حبط، وإيمان غير نافع؛ لأنه اقترن بالشرك وعبادة الشيطان الذي أمر بتكذيب الرسل، كما هو حال المشركين الذين قال الله عز وجل عنهم:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:١٠٦]، فهذا الشرك قد أحبط القدر الموجود في قلوبهم من الإيمان، والجاري على ألسنتهم، والكائن في بعض أفعالهم، فإن الشرك محبط للعمل، كما قال عز وجل:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[الزمر:٦٥ - ٦٦].